أخبار عربية أخبار دولية

أخــبــار مــــحـلــيـة - إقــلـيـمـيـة - جهويـــة


"- يحياوي : حركة 20 فبراير الشعب يريد التغيير سيدي يحيى الغرب والاشكال النضالية مستمرة - يحياوي : اعتقال العربي اللقطة مرشح "النخلة" بسيدي سليمان في حالة تلبس بتوزيع رشاوى لشراء اصوات الناخبين - يحياوي : الراضي عبد الواحد يزور قلعته المحصنة بالدواغر للايطو يحياوي :الفتور يطبع الحملة الانتخابية بسيدي يحيى الغرب - يحياوي : البنية التحتية بحي الوحدة "التجهيز" خارج اهتمامات رئاسة المجلس البلدي - يحياوي : - يحياوي :فريق كفاح سيدي يحيى يعيد تجديد هياكله وانتخاب مكتبه المسير - يحيا وي : انطلاق الحملة الانتخابية لعدد من الاحزاب بالمدينة وسط فتور وتذمر شعبي يحياوي :يمكنكم كتابة تعليقاتكم عبر نافدة "سجل الزوار" أو - يمراسلتنا عبر البريد الالكتروني."


للنشر : soultane_01@hotmail.com / hamid.hg@hotmail.com

سجل الزوار

الجمعة، 31 يوليو 2009

"ساحة الأمم " بسيدي يحي الغرب : " حديقة " بين قوسين أو أدنى ؟

حميد هيمة – سيدي يحي الغرب
Hamid.hisgeo@gmail.com

*
في السياق : مدينة سيدي يحي الغرب ، ولادة قيصرية .
- ولدت سيدي يحي الغرب ، بعد عملية قيصرية ، من رحم العهد الاستعماري في البدايات الأولى من القرن العشرين ، كتجمع عشوائي – قصديري يأوي اليد العاملة في المؤسسات الاستغلالية التي زرعها الاستعمار الفرنسي لامتصاص و نهب الخيرات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها المنطقة . انتفخ هذا التجمع السكاني ، تدريجيا، بعد أن نبتت على هوامشه أحياء ، ببنايات صلبة ، لأطر معمل "السيليلوز " ( معمل لصناعة الورق) . بموازاة التذرية الاجتماعية ، الحاصلة في صلب البنيات القبلية لمحيط المدينة ؛ التي غذت التجمعات القصديرية ، في إطار حركة الهجرة القروية ، بموارد بشرية جديدة .
شكل هذا المجال الجديد فضاء لترويض سكان البوادي في نظر سلطات الاستعمار ، حتى لا يطالبوا بأراضيهم التي استولت عليها الإدارة المذكورة و فوتتها للمعمرين . كما وظف هذا المجال " الحضري " لبلترة قطاع واسع من المزارعين و رعاة الماشية بقذفهم للقيام بالأعمال العضلية الشاقة في الضيعات الفلاحية الكبرى أو في المعامل التحويلية .
ترتب عن تدفق هذه الموجات الهجروية ، في غياب أدنى اهتمام من لدن إدارة مغرب الاستقلال ، توسعا باطنيا للمدينة ، لكن هذا النمو الشبه حضري لم يواكبه إنشاء بنيات تحتية جديدة تستوعب التحولات الديمغرافية السريعة ، أو تطوير البنيات التحتية التي خلفتها الإدارة الاستعمارية بالمنطقة . و هو ما جعلها جرداء من أي فضاء للترفيه مثل: المسابح ، الحدائق ، الساحات المهيأة ،،، الخ . منذ أن ظهرت المدينة وهي تفتقر للحدائق و الساحات إلى غاية نهاية العشرية الأولى من القرن الواحد و العشرين . فكم عدد هذه الفضاءات ؟ و كيف هي حالتها / وضعها ؟ إليكم بعض عناصر الجواب .

* في صلب الموضوع : ساحة الأمم ، مولود مشوه
.
- إذن ، منذ الولادة القيصرية للمدينة وهي تنعدم فيها المرافق الترفيهية الأساسية ، و الفضاءات الاجتماعية الضرورية . و رغم تعاقب عدة مجالس بلدية ، فإن حصيلتها ، على صعيد البنيات التحتية الاستقبالية ، تبقى ، حتى في نظر الموالاة وبالتقييم الإيجابي ، صفرية . لكن ، منذ السنة الماضية (2008) ، شرع في بناء و تهيئة الساحة الوحيدة للمدينة ، التي تمتد على طول الحدود الجنوبية لحي الفتح . و راهن الجميع على أن هذه الساحة اليتيمة بالمدينة من الممكن أن تشكل متنفسا للساكنة المحلية ، وخصوصا خلال فصل الصيف . بيد أن هناك بون شاسع بين التصاميم المعلن عنها في دفتر التحملات و الإنجاز الفعلي في الميدان : فمن خلال الملاحظة الأولية ، يلتقط بصر الناظر تناثر الأزبال و الأتربة ، بسبب عدم استكمال تبليط جنبات و الساحات الفرعية لل " حديقة " ، أو بسبب " تبخر " العشب الأخضر الناصع من الحديقة الواقعية ؛ بعد أن كان موجودا في الملصق الافتراضي المثبت ، أثناء انطلاق الإنجاز ، في المدخل الغربي للحديقة ؟؟؟

و يبدو ، في تقدير المواطن اليحياوي البسيط ، أن الجهات المسئولة عن إنجاز الحديقة كانت تراهن على أن انتشار و تناثر الأزبال من شأنه أن يضفي جمالا و بهاء على الحديقة و المدينة على حد سواء . و لأن جمال و زينة وجه سيدي يحي الغرب لا تكتمل ، في تمثلنا الجماعي ، إلا بوجود الأكياس البلاستيكية في كل شبر من ترابها . هذا الارتباط الوثيق بين جمالية المدينة و انتشار الأزبال هو الذي دفع ، بحسب تفسير أحد الناقمين على الوضع ( و هو تفسير لا يؤخذ به ) ، الجهة المسئولة عن البناء عدم تجهيز " ساحة الأمم " بحاويات النظافة . و حتى المجلس البلدي " متواطئ " حفاظا على جمالية الحديقة ، فلم يسجل عليه يوما أن بعث بعمال النظافة إلى الحديقة موضوع حديثنا ؟ و من بين المزايا العديدة التي تنفرد بها " ساحة الأمم " هو قدرتها على الدفع بزوارها عدم الجلوس بعد أن " اختفت " القاعدة / الأساس الأفقي للكراسي ؟ و تحول فضاءات الحديقة إلى ساحة للوغى تحتضن كل أشكال الصراع الجسدي و الرمزي .

أسئلة على سبيل الختم :
- أما أسئلتكم عن الغلاف المالي الذي تم بموجبه تغطية إنجاز " ساحة الأمم " ؟ و مدى مطابقة الإنجاز الفعلي للساحة لما هو منصوص عليه في دفتر التحملات ؟ فذلك هو ، بالضبط ، ما لن نعود إليه حتى لا تغضب بعض الجهات فتضطر إلى حذف " الصحيفة الإلكترونية لسيدي يحي الغرب " .إلى فرصة ضائعة أخرى
!

لا عجب إذا سمعت أن نملة قتلت أسدا

الأستاذ اريس العشاب ، سيدي يحي الغرب
.لا عجب إذا سمعت أن نملة قتلت أسدا, فالله يجعل قوته في أضعف خلقه. في كل زيارة له للإطلاع على أحوال رعايا مجتمع الغاب, كان الأسد يغفل عن التوقف عند مكان قريب جدا من مكان إقامته, يتواجد به عدد لابأس به من جماعة النمل,لمعرفة أحوالهم و ظروفهم كما يفعل مع الآخرين في الأماكن السحيقة. ذات ليلة مقمرة ,و على مأدبة عشاء , تداول كبار قوم النمل أحوالهم المعيشية, و أجمعوا جميعهم أنهم مهمشون من طرف رئيس غابتهم, فكيف يعقل أن يمر كل مرة بالقرب من مكانهم دون أن يهتم لحالهم أو أن يقيم لهم اعتبار؟ لم تمتلك نملة قاصرة نفسها, فقررت إداية الأسد تنبيها له و جلبا للأنظار.فشدت الرحال حتى بلغت إقامة الأسد ليلا, إذ وجدته منهمكا في التسلي مع رفاقه النمور و حمر الغاب الوحشية .كيف السبيل إلى الانتقام من شرذمة الفساد".قالتها في قرارة نفسها".لابد أن هناك دواب جمة تريد حقها الضائع و لكن الشجاعة تنقصها طبعا لا حوار يفيد مع مثل هؤلاء" . فقررت أخيرا أن تفعل ما جاءت لأجله حطت على فرو الأسد وواصلت زحفها إلى أن وصلت إلى أنفه فاقتحمته ,فأخذ يترنح ويئن و كأن به الموت و فجأة ولت إلى الوراء خارجة, فطلبت من الأسد التفاوض فقبل مطأطأ الرأس ملبيا كل الرغبات و الطلبات قائلا :" الآن رعايتي ستشمل كل من تحت رحمتي قبل أن تكون نهايتي بيد نملة. "

" إشكالية الانتقال الديمقراطي في المغرب والتجارب المقارنة:

عبد الواحد بلقصري- باحث في علم السياسة والقانون الدستوري- كلية الحقوق اكدال الرباط
تقديم عام
تستخدم عبارة الانتقال الديموقراطي في الادبيات السياسية لوصف بلد يتخلى عن نظام حكم سلطوي ليدخل تدريجيا وبشكل سلمي في أغلب الحالات الى تجربة جديدة تتسم ببناء منظومة حكم اكثر ديموقراطية
ويجد مضمون عبارة الانتقال الديموقراطي ترجمته في مجموعة من الخصائص والمميزات ذات الطبيعة التجريبية الدالة بالملموس على تغيير فعلي في المؤسسات والقوانين وفي أساليب ممارسة السلطة وفي علاقات الحاكمين بالمحكومين وعلى توسيع نطاق المشاركة السياسية ومضاغفة مساءلة المسؤولين وعلى إحداث آليات لتحسين ادارة الحكم وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين دون تمييز.
وقد شهد الربع الأخير من القرن الغشرين تجارب انتقالية محددة جغرافيا وإثنيا كالتحاق دول مثل اليونان واسبانيا والبرتغال في منتصف السبعينات بالركب الديمقراطي الغربي. ولاحقا انهيار جدار برلين وما خلفه من دمقرطة لدولة المعسكر الشرقي. وبدورها عاشت دول أمريكا اللاتينية انطلاقا من أواخر الثمانينات عملية انتقال حقيقية.
كل هاته التجارب حققت تراكمات إيجابية فيما يخص الدراسات والأبحاث حول تجارب الانتقال الديمقراطي وأصبح هناك علم يطلق عليه علم الانتقال، وذلك بالاعتماد على مؤشرات وبراديغمات تتخذ سياقات مختلفة.
حيث أصبحت الدراسات السياسية تميز داخل معادلة الانتقال الديمقراطي بين النظرية والبراديغم.
إذ تحتضن النظرية أبيات سياسية اقتصادية واجتماعية مختلفة الطروحات (التغيير السياسي والاجتماعي ـ التغيير الديمقراطي ـ مسلسل الدمقرطة) بالإضافة إلى أن هناك مقاربات مختلفة توظف في دراسة الأنظمة اسياسية، فمنها من يعطي أهمية لدراسة الطبقات الاجتماعية والبنيات الاقتصادية ومركز الدولة في الاقتصاد العالمي، ومنها من يركز على على الجانب السوسيو مؤسساتي لدراسة الأشكال السياسة الداخلية واستراتيجيات الفاعلين، بالإضافة إلى المقاربة التي تركز على دراسة الحركات الاجتماعية ودورها في مسلسل الانتقال.
أما براديغمات الانتقال فهو عبارة عن نماذج إرشادية تقدمها بعض التجارب في شكل وصفات ( جنوب إفريقيا، البرازيل، اليونان، البرتغال، إسبانيا) هاته النماذج تختلف وفق أشكال متعددة.
شكل يتجسد في حركة التغيير التي يمكن أن يعرفها النظام السياسي عن طريق انتخابات تعددية حرة ومنظمة متنوعة بتداول للسلطة بين النخب الفاعلة وشكل يتعلق بالتغيير الذي يمس النظام السياسي عن طريق تقنية المؤتمرات الوطنية ويخص عادة التجارب التي شهدت قطيعة أدت إلى مواجهات بين الفاعلين ( تجارب إفريقية مثل الطوغو، بنين...) الذين تمكنوا في لحظة معينة أن ينتقلوا إلى نوع من المصالحة.
وشكل سياسي يتم فيه الانتقال عبر التفاوض، أو ما يطلق عليه بالانتقال المتفاوض والمتمثل في قدرة السلطة السياسية العلياعلى إدارة مجموع مراحل مسلسل الانتقال عن طريق فرض أجندة انتخابية لا تترك وقتا كبيرا أمام المعارضة لإعادة ترتيب ذاتها، غضافة إلى أن السلطة السياسية تحافظ على كل مراحل هذا الانتقال على مراقبتها للدولة الإدارة وأدوات الوساطة.
وشكل يتم فيه الانتقال بواسطة عقد امتياز سياسي موجه إلى الحركات الاجتماعية وهو ما يطلق عليه بالدمقرطة من الأعلى.
وشكل يكون فيه الانتقال عن طريق تغيير في تدبير السياسات العمومية ( السياسات المالية، التعليمية، الإدارة، القضاء...) وهو ما يسمى بالبحث عن مداخل الانتقال الميكروسياسي عكس الانتقال الماكرو سياسي المتمركز حول فكرة الإصلاح الدستوري.
فيما سيق نستنتج أن أشكال الانتقال الديمقراطي متعددة في أشكالها ومختلفة في سياقاتها. ولكن هذا لا يعني أن الانتقال الديمقراطي هو ظرف دقيق يعيشه النظام السياسي وهو بصدد تغيير تنظيمه القديم إلى تنظيم جديد يعتمد أدوات التدبير الديمقراطي. واسلوب الماسسة كنظام للحكم والمجتمع هذا من جهة ومن جهة أخرى أن كل تجربة من تجارب الانتقال الديمقراطي تعد وصفة جديدة تساهم في بناء النظرية والبراد يغم معا في الانتقال الديمقراطي.
مما سبق نستنتج أن موضوع الانتقال الديمقراطي اصبح مجالا خصبا للدراسة والتحليل وإطارا واسعا تنصب فيه اهتمامات الباحثين والفاعلين السياسيين على مقاربة هذا الموضوع من زوايا متعددة.
فالانتقال الديمقراطي هو المرور من نظام سلطوي إلى نظام حكم ديمقراطي يتم بوسائل متعددة وفي ظل ظروف وطنية مختلفة.
وما انفكت النخب الفكرية والسياسية تتعاطى مع هذا الموضوع وتوليه الأهمية بدليل عشرات الندوات واللقاءات العلمية.وانتباه هذه النجب المتزايد لهاته التجارب الدولية وبالمسارات والنتائج التي آلت إليها، لا يولد لديها ميلا إلى استنساخ تلك التجارب بقدر ما يدفع بهم إلى فهم أسس نجاحها ووعي دروسها بسبب اختلاف شروط كل بلد من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.
والحديث عن إشكالية الانتقال الديمقراطي بالمغرب والتجارب المقارنة هو حديث. الهدف منه عرض التجارب الدولية لمعرفة اسس نجاح تلك التجارب من جهة ومن جهة إبراز أهمية الاختلاف والإشكال التي تتخذها التجارب الانتقالية المتعددة حيث أن هاته التجرب تتعدد مداخلها وتختلف ( سياسي ، اقتصادي ، قانوني، مؤسساتي...) وعليه لأهمية التجارب الدولية سوف نبدأ بتبيان بعض تجارب الانتقالات الديمقراطية وخصوصياتها أولا، وثانيا: إبراز إشكالية الانتقال الديمقراطي بالمغرب والسياق الذي طرح فيه هذا المفهوم والفرضيات والمؤشرات الممكنة الي يمكن بواسطتا قراءة هذا السياق. وثالثا: التطرق إلى العوامل المتعددة التي ساعدت النموذج البرتغالي في الدخول إلى الديمقراطية. وقراءة التجربة المغربية التي لم تنضج فيها الشروط بعد للانتقال إلى الديمقراطية. وأخيرا الخروج بخلاصات.
تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم
سوف أتطرق في هاته النقطة إلى ثلاث نماذج من الانتقال الديمقراطي يتم فيها الانتقال بشكل مختلف.
النموذج الأول: الانتقال عن طريق انتخابات نزيهة.
والنموذج الثاني: الانتقال عبر إصلاحات اقتصادية.
والنموذج الثالث: الانتقال عبر آليات أخرى.
1.1- الانتقال عن طريق انتخابات نزيهة
تبين التجربة البرازيلية أهمية الأحزاب السياسية وبالأخص الحركة الديمقراطية البرازيلية، حيث أصبحت هذه الحركة بمفردها تشكل المعارضة الأساسية داخل الدولة، وتصرفت هذه الحركة بذكاء حيث انها احتفظت بثقة المؤسسة العسكرية مع علمها في اتجاه دمقرطة الدولة. وتدريجيا مع تغيير ظرفية الدولة تغيرت أيضا ظرفية هذه الحركة.
من اجل تشغيل الطريق نحو الديمقراطية وافقت الحكومة العسكرية على قوانين العفو وغيرت النظام الانتخابي لإقرار التعددية الحزبية ( بدل الثنائية) وقد قبلت المعارضة بهذه القوانين أو على الأقل لم تجعل منها مشكلا كبيرا.
وأخيرا، من خصوصيات التجربة البرازيلية بشأن الانتقال الديمقراطي يمكن ذكر العناصر التالية:
§ اعتماد دمقرطة النظام على مسلسل الانتخابات.
§ وجود المؤسسة العسكرية لم يؤد إلى تجميد أو حل البرلمان كما لم تعمل المؤسسة العسكرية على القضاء على نظام الانتخابات.
§ فوز الحزب المعارض في الانتخابات سنة 1974 في 16 ولاية.
§ التفتح السياسي بدأ من الأعلى إلى الأسفل.
§ غياب ميثاق تعاقدي.
§ احترافية الجيش.
§ لم تتصرف الحكومة والمعارضة كأعداء وإنما كشركاء غير مباشرين.
§ أهمية الأحزاب السياسية وبالخصوص حزب IDB
فالانتقال الديمقراطي في البرازيل قد أسست له المؤسسة العسكرية " مأسسة النظام الديكتاتوري" والانتقال الديمقراطي يختلف عن باقي التجارب لسببين:

1) أن تفتح النظام السياسي ابتدأ عبر الانتخابات.
2) لم يعمل الجيش على الإطاحة بنظام الانتخابات أو حل البرلمان.
2.1- الانتقال عبر إصلاحات اقتصادية
هناك أكثر من انتقال ديمقراطي في العملية السياسية الواحدة، هناك انتقال اقتصادي وآخر اجتماعي وثالث قانوني ومؤسساتي. وبالتالي فالحديث يجري حول مجموعة من الانتقالات داخل نفس التجربة. اما بخصوص تجربة " بولونيا " التي عرفت الانتقال من النظام الشيوعي إلى النظام الديمقراطي التعددي ذي الاقتصاد الليبرالي.
إن صعوبة الانتقال الاقتصادي من النموذج الموجه الذي يعتمد التخطيط إلى نموذج اقتصادي ليبرالي يعتمد السوق الحرة. فهناك صعوبات داخلية في إعادة تكييف مؤسسات الإنتاج مع النظام الرأسمالي، وهناك صعوبات على المستوى الخارجي في العلاقة مع الاقتصاديات الأوربية القوية.
مع كل هذه الصعوبات يجب الاعتراف بأن صيرورة الاندماج في الاتحاد الأوربي شكلت ما يشبه آلية هائلة للدمقرطة في بولونيا فـ " الشرطة الصلبة " التي يفرضها النظام الأوربي على كل راغب في الاندماج في اتحاده، تدفع الأنظمة إلى إعمال إصلاحات هيكلية على كل المستويات، ثم أن مفاتيح الانتقال الديمقراطي حسب ما أفرزته تجربة بولونيا هي الرأسمال البشري، جودة التعليم والمرونة في التعاطي مع الأوضاع الداخلية والخارجية.
3.1 الانتقال عبر آليات أخرى
لقد فتحت تجارب دولية، كجنوب إفريقيا، والشيلي نقاشا قويا حول حقوق الإنسان، تم تأسيس مائدة للحوار كافة الأطراف لمعالجة قضية الانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان هادفة من ذلك توضيح مصير المعتقلين المفقودين والتأكد من الأماكن التي تتواجد بها حثتهم.
فنشأت لجن للبحث عن الحقيقة، من خلال مسطرة المساءلة. فالحقيقة، ثم الإنصاف. للوصول إلى الهدف الكبير وهو المصالحة.
ولكن لكل بلد تجربته من الناحيتين الاجتماعية والسياسية، وتعامل كل بلد مع المسألة الحقوقية محكوم ببدأ البنية، رغم الأمال المعقودة عليها سلفا.
ويكتسي مفهوم التعامل مع " الماضي الأسود " معنى خاصا في تجارب متعددة ولبلدان عدة، فالماضي الأسود وما عرفه من انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان، ألقت بظلالها على الكثير من المواقف مع مسألة " القطيعة" مع الماضي ولكن القطيعة لا تعني الانطلاق من الصفر بقدر ما ترمي إلى التغيير والتجديد دون فقدان خيط التواصل مع النقط القوية في ماضي الشعوب وتاريخها.
II ـ إشكالية الانتقال الديمقراطي في المغرب: السياق والرهانات
سوف أبرز في هاته النقطة من جهة أولى المحددات العامة للمسلسل السياسي والدستوري وبالضبط المحددات السياسية. ومن جهة ثانية الفاعلون وإشكالية الانتقال، ومن جهة ثالثة الهندسة الدستورية للانتقال ، الغاية هي توضيح مختلف هاته النقط من أجل تعميق النقاش حول إشكالية الانتقال اليمقراطي بالمغرب.
1.2 المحددات العامة للمسلسل السياسي والدستوري
عرف المغرب منذ عقد التسعينيات من القرن 20 مجموعة من الأحداث التي اعتبرها المتبعون والمهتمون بالحياة السياسية بمثابة مؤشرات على تحول نوعي في اتجاه ليبرالية سياسية أكثر افتاحا. هذه الأحداث التي ارتقت حسب تحليلات الفاعلين السياسيين لترمز إما إلى بداية الانتقال الديمقراطي، أو انتكاسة الانتقال. ومن بين أهم هذه الأحداث والمبارات البارزة التي أرخت وساهمت في تداول حديث من هذا النوع، نذكر ما يلي:
§ تاسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990.
§ إحداث وزارة حقوق الإنسان سنة 1993.
§ إطلاق سراح المعتقلين السياسيين عودة المنفيين في غشت 1991 ـ يوليوز 1993 ـ ماي 1994.
§ صعود نقاش حول الإصلاح السياسي والدستوري والتي قادت إلى ميلاد لوثيقتين الدستورتين الأولى ( 1992) والثانية ( 1996) كنص دستوري يستمر في تأطير الحياة السياسية إلى اليوم.
§ الانتخابات التشريعية سنة 1997.
§ ميلاد تجربة التناوب سنة 1998.
§ الولاية البرلمانية السادسة.
§ انتقال الملكية سنة 1999.
§ الانتخابات التشريعية لشتنبر 2002.
§ الحكومة التقنوقراطية ـ السياسة الجديدة 2002.
لقد كانت هاته لأحداث بمثابة إشارات وتلميحات إلى أن النظام السياسي المغربي يحاول أن يغير من بنيته ومن آلية اشتغاله معلنا ذلك عن بداية مرحلة للتعامل وتدبير الشأن السياسي.
وفي تحليلنا هذا سوف نحاول أن نركز على المحددات العامة للمسلسل السياسي والدستوري. دون الإكثار من جرد وقائع وأحداث سياسية كي لا نقع في عملية تكرار لبعض المواضيع التي سبق عرضها.
1.2 المحددات السياسية
ثقافة الفاعلين السياسين: لقاموس السياسي المتداول:
داخل هذا المسلسل الذي اختلفت إيقاعاته وإشاراته السياسية، راجت في الفضاء السياسي المغربي منذ بداية التسعسنيات بالموازاة مع ذلك مجموعة من المفاهيم والتوضيحات والنعوت السياسية التي جاءت منتظمة في خطب وبيانات وتصريحات لفاعلين السياسيين، تشير إلى نوع الثقافة السياسية السائدة لديهم ومن بين هذه التوضيحات يمكن ان نشير إلى ما يلي:
ـ دولة الحق والقانون ـ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ـ الكتلة الديمقراطية ـ مواصلة التعاقد التاريخي بين الحركة الوطنية والمؤسسة الملكية ـ السكتة القلبية ـ وثيقة الاستقلال والديمقراطية ـ الأحزاب الإدارية ـ التناوب التوافقي ـ حكومة التناوب ـ التعاقد السياسي ـ الإصلاح السياسي والدستوري ـ الإسلام السياسي ـ بداية الانتقال الديمقراطي ـ نهاية الانتقال ـ أنا رجل الانتقال لديمقراطي ـ موت الكثلة مول النوبة ـ المشروع الحداثي الديمقراطي ـ التطرف ـ الإرهاب...
هذه المفاهيم والنعوت بمكن أن نسجل بصددها مجموعة من الملاحظات نذكر منها ما يلي:
1) هناك فاعلين في الحقل السياسي مازالوا يعيشون على مشروعية حدث الاستقلال رغم مرور حوالي نصف قرن على ذلك. بل إنهم يحاولون صياغة الحاضر على ضوء الماضي ( وثيقة الاستقلال والديمقراطية، إذ دأب هذا الحزب على ضافة مصطلح الديمقراطية إلى نوان وثيقة الاستقلال وذلك بمناسبة ذكرى 11 يناير 1944).
2) استعمال بعض المفاهيم ذات ادلالة الدستورية والمؤسساتية التي تم توظيفه سياسيا دون كتابتها دستوريا ( التناوب، التراضي، التوافق) وهي تعبيرات ومفاهيم تفيد بوجود نوع من الخلط بين البنيات الدستورية المكتوبة واممارسات السياسية والإديولوجية.
3) هناك نوع من الخلط السائد بين المقاربة الشخصانية للسياسة والمقاربة المؤسساتية للانتقال الديمقراطي وهنا نشير مثلا أن الوزير الأول السابق ذ عبد الرحمان اليوسفي وفي تصريح كان قد ادلى به للقناة التلقزيونية TV5 ونشرته جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 28 فبراير 2001 ورد فيه وبالحرف تعبير أنا رجل الانتقال.
4) هناك تسرب لبعض المفاهيم الغريبة والجديدة إلى داخل الحياة السياسية المغربية بعد أحداث أطلس إيسلي وخاصة بعد أحداث 16 ماي 2003.
هذا فيما يخص الحقل السياسي المتداول بين الفاعلين في المجال السياسي والآن سنحول أن نبحث في محددات العلاقة بين الفاعلين.
2.2 الفاعلون السياسيون وإشكالية الانتقال
يلاحظ أن اللعبة السياسية في المغرب قد تدرجت من شكل سياسي باترمونيالي يعتمد على البنيات والعلاقات التقليدية في الممارسة اكثر من اعتمادها على عمل المؤسسات التحديثية ـ السبعينات ـ ثم بعذ ذلك تحولت إلى فضاء سياسي تستند فيه أطراف اللعبة السياسية على آليات التراضي والتوافق، حيث عوضت بها أحزاب الحركة الوطنية فشل وعدم فعالية الفتوات المؤسساتيى في حين وظفتها المؤسسة الملكية من أجل عدم إعطاء أي امتياز لأية حركة سياسية. وفي منتصف السبعينيات انتقلت الحياة السياسية إلى مستوى جديد يرتكظ على نمو ثقافة التسوية والتفاوض بين الفاعلين هذه العلاقة الجديدة التي سمحت للمعارضة السابقة بإعادة منظوراتها الاستراتيجية.
وهنا نشير مثلا إلى تغيير خطاب الاتحاد الاشتراكي، التخلي عن أفكار الزعماء التي كانت تعتبر تنظيماتها بمثابة الحزب الوحيد ( حزب الاستقلال).
وهذه الثقة التي تسربت إلى الفضاء السياسي وانتجت دستوري 1992 و 1996 والتي انبثقت من انتخابات 1997 وحكومة التناوب سنة 1998 لم تكن تحتاج إلى مفاوضات علنية أو مؤثرات سياسية وطنية، وإنما فقط إلى بعض الإشارت البسيطة التي لمحت إلى وجود نوع من الانفراج السياسي ( تعيين شخصيات من المعارضة لقيادة مجلس الشباب والمستقبل ـ ترأس ولي العهد لافتتاح ندوة مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد حول الانتقال الديمقراطي سنة 1996).
وقد شكل هذا الأمر بداية لالتقاء استراتيجيتين ( الملكية، المعارضة) بعد تباعد دام منذ سنة 1959، وقد تمت ترجمة هذا اللقاء وبشكل سري في شكل تعاقد مثلته إلى حد ما حكومة التناو، لكن ما يلاحظ على هذا التعاقد السري هو أنه لم يكن الهدف منه هو تقديم مشروع متكامل بل كان يقتصر على تهيئة الشرط الأولي لكي يتم الانتقال في أحسن الظروف بأقل خسارة ممكنة فتعيين حكومة التناوب سمح بفتح نقاش مجتمعي غير منظم وجهت من خلاله انتقادات لاذعة لملفات الماضي (سنوات الرصاص / المعتقلات). لكن الإشكال كان هو ان التمثل الاجتماعي، كان ينظر لحكومة التناوب من زاويتين يصعب التوفيق بينهما:

الأولى: تحقيق إنجازات استعجالية.
الثانية: العمل في الوقت نفسه على تصفية الماضي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هذا الوضع نتج عنه وجود حالة من الانتظارية ترتب عنها، ظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية (اعتصامات المعطلين حملة الشهادات، احتجاجات الحقوقيين...) التي اعتبرها البعض أنها تعبر عن توسع المجال الحقوقي والحريات بالمغرب، في حين رأى فيها البعض الآخر السبب الذي عجل بسقوط حكومة التناوب فيما بعد.
داخل هذا المناخ سوف يتم الإعلان عن انتخابات 27 شتنبر 2002 وهي الانتخابات المباشرة الأولى بعد انتقال الملكية، وقد قدمها الفاعلون السياسيون بكونها انتخابات إنقاذ سياسي، إذ اختزلت فيها جل انتظارات المواطنين، بالموازاة مع ذلك باشرت الأحزاب السياسية بنقد الانتخابات السابقة وقدمت نفسها كضحية لعمليات التزوير، وكأنها تود بذلك أن تبين أن الإشكالية الأساسية التي تعوق التطور في النظام السياسي المغربي هي عدم مصداقية الانتخابات.
لقد كشفت انتخابات 27 شتنبر 2002 رغم كل الانتقادات التي وجهت إليها من بعض الأطراف أن هناك احتكاكا وقع لأول مرة بين الشارع المغربي والديمقراطي، كما أوضحت نسبة المشاركة التي لم تتجاوز 52 % أن الهوة بين المجتمع والنخب السياسية باتت واضحة.
وفي قراءة لنتائج هذه الانتخابات يمكن ن نقول بأنها خلقت إلى حد ما نوعا من الاهتزاز في الحقل، الشيء الذي قاد إلى عدم وضوح التحالفات الممكنة لقيادة لتشكيلة الحكومية الجديدة حيث انقسم الحقل السياسي بين من يدعو إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وبين دعاة مقولة " مول النوبة " وأمام هذا الصراع سوف يتم الإعلان عن تعيين وزير أول خارج الأحزاب ذات الأغلبية.
لكن يبقى أهم ما أسفرت عنه هذه الانتخابات هي أنها قد غيرت من ميزان القوة داخل الحياة السياسية المغربية، بعد انفراد حزب العدالة والتنمية بالمعارضة البرلمانية وانتقاله تدريجيا من ممارسة الاحتجاج من البرلمان إلى المجتمع مع باقي التيارات الإسلامية ( العدل والإحسان)، هذا المسار الذي جعل الدولة تقف مترددة بين حدود مسألة إدماج الإسلاميين المعتدلين في اللعبة السياسية، وفكرة المجازفة نحو ديمقراطية حقيقية.
هذه التطورات التي شهدها الفضاء السياسي المغربي تقودنا إلى إبداء الملاحظات التالية:
1- العلاقة بين الفاعلين فيه لم تخرج عن أمرين اثنين:
أن هناك إصلاحات عصرية كانت آخذة طريقها نحو الإنجاز، لكن في نفس الوقت هناك مخاوف من ميلاد قوة سياسية وازنة داخل الأحزاب الوطنية الديمقراطية، وهو ما يفسر الرغبة في خلق الإجماع ثم إعادة التوازن بعد ذلك برسم الخطوط الحمراء.
2- الأحزاب السياسية رغم خطابات الديمقراطية والحداثة فإنها مازالت رهينة للمرجعية التقليدية التاريخية ومازالت تعمل في إطار الدراما الإفريقية التي لابد أن ينتصر فيها الزعيم أو تغنى فيها البنية التنظيمية للحزب، كما أن جل هذه الأحزاب لم تخضع للتطور الذي عرفه المجتمع المغربي بعد السبعينات نتيجة المطالب الجديدة التي يحملها جيل أزيد من 70 % منه ولدوا بعد المسيرة الخضراء.
3.2 الهندسة الدستورية للانتقال
يعبر عدم الاستقرار في الدساتير المكتوبة بالمغرب. خمسة دساتير خلال 30 سنة عن توثر واضح في عملية انتشار الثقافة الدستورية والمؤسساتية، وعن صعوبة في ترتيب التوافقات المعلن عنها مع كل تعديل دستوري. ويمكننا أن نلاحظ أن كل الإصلاحات التي حملتها هذه الدساتير المتعاقبة، وكذا الشروط السياسية لإنجازها تقدمان طريقة واحدة لمعالجة الشيء السياسي، كما أن مضمون الدستورين الأخيرين لا يترجم فعليا الإرادة السياسية المعبر عنها، والتي ساوت بين متطلبات الموجة الجديدة للدستورانية العالمية، والتحولات الكبرى التي يعرفها المجتمع المغربي.
وعلى الرغم من أهمية العناصر التي قدمها الفاعلون السياسيون والتي شكل مسار التصويت على الدستور الأخير منطلقا لها، فإنه يمكن القول بأن هذا التوافق حول الوثيقة الدستورية لا يمكن اعتباره نقاشا نهائيان فهو مثل أي نمط من العلاقات السياسية يرتكز على توازنات ظرفية، عرضية واتفاقية بمعنى أن مسار التوافق غالبا ما يحمل في مضمونه إمكانية العودة إلى مرحلة ما قبل التوافق.
إن الوقوف وتفحص الوثيقة الدستورية والهندسة الدستورية المتبعة فيها يقودنا إلى إبداء الملاحظات التالية:
1- الحياة الدستورية تتميز بوجود ملكية حاكمة تقوم على أساس إمارة المؤمنين كتعبير حقوقي عن نظرية الخلاف، إضافة إلى ملكية تنفيذية.
2- سمو المؤسسة الملكية داخل الهندسة الدستورية مع وجود مفاهيم ذات حمولة واسعة على مستوى التأويل الدستوري مرتبطة بالتقليدانية المغربية.
3- الوثيقة الدستورية وإن وضعت في بابها الأول مجموعة من الحريات والحقوق فإن ذلك لا يرقى بالوثيقة الدستورية المغربية إلى مصاف دساتير المواطنة الحديثة وذلك من خلال تقييد ممارسة هذه الحريات بالإشارة إلى قوانين يتم إعدادها وأجرأتها لفا الدستور.
هذا فيما يخص أهم الخصائص التي تميز الهندسة الدستورية في النظام السياسي المغربي أما فيما يخص الجانب العملي أو الممارسة الدستورية لهذه البنود فسنركز على مسألتين:
أولا: العلاقة بين السلطات وأولوية التنفيذي على التشريعي
أثبتت التجربة الدستورية أن الممارسة السياسية تشرح العلاقة الموجودة بين السلطات الدستورية أكثر من النص الدستوري المكتوب. فالهندسة العامة لتنظيم السلطات في وثيقة 1996، تبين أنه ليس هناك شق مكتوب ينظم العلاقة الدستورية بين الملك والحكومة بالرغم من أن الفصل 24 ينص على أن الملك يعين الوزير الأول، لكن هذا التنصيص جاء داخل حقل الملكية وله دلالاته الدستورية والسياسية: فهو يعد إقحاما للوزير الأول كمفهوم دستوري داخل حقل الملكية، وبالتالي فهو نفي لازدواجية السلطة التنفيذية.
أما فيما يخص علاقة البرلمان بالحكومة فيلاحظ أن هناك قيودا مفروضة على تمثيلية واختصاصات البرلمان تتدعم بهيمنة الجهاز التنفيذي التي تتجاوز التدخل في كل مراحل المسطرة البرلمانية ابتداء من جدول الإعلام، لتنصب على وجود البرلمان كمؤسسة، ذلك أنه منذ سنة 1963 وعلى امتداد الولايات التشريعية رفض القضاء الدستوري الاعتراف للبرلمان بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وبالتالي جعله خاضعا في تدبيره الإداري والمالي للحكومة.
ثانيا: التمثيل السياسي
وحري بنا أن نشير إلى نقطة أساسية ومهمة وهي مسألة التمثيل السياسي، فالنظام السياسي المغربي يستند في أحد جوانب التمثيل السياسي على ما يسمى بالتمثيلية الدورية المجسدة في ممثلي التعددية: الأحزاب السياسية المنظمات النقابية، الجماعات المحلية، الغرف المهنية والمحددين على سبيل الحصر منذ سنة 1970. فبالرغم من اتساع الفضاء السياسي الحالي وتعقده فمازالت آليات التمثيل السياسي تعاني إلى حد ما من التطبيق والانحصار المتمثل في البنيات الكلاسيكية المحددة دستوريا، ولأجل ذلك عمدت السلطة السياسية على إصلاح المنظومة القانونية الحالية، عن طريق إقرار الازدواجية في التمثيلية البرلمانية وذلك بإضافة غرفة ثانية إلى البرلمان اعتبرت في لحظة ميلادها آلية من آليات التمثيل الخاص بفئة الاقتصاديين رغم أن خلفيات إنشاء هذه الغرفة تتجاوز التمثيل السياسي فإنشاءها سنة 1996 جاء في سياق سياسي كان المغرب يستعد فيه لدخول تجربة التناوب ولم تكن السلطة السياسية ثقة مطلقة في الحكومة التي تتشكل من المعارضة، لذلك فالغرف الثانية لم تكن توسيعا للتمثيلية السياسية بقدر ما كانت احتياط دستوري، وجد لإسقاط الحكومة الناتجة عن هذه التجربة في لحظات انزلاقها. وهذا ما يعبر عنه تقنيا الفصل 77 من الدستور الذي يعطي لمجلس المستشارين حقا لا تتمتع به المجالس التي على شاكلته في التجارب الدستورية المقارنة وهو حق إسقاط الحكومة.
وعلى العموم يمكن أن نقول أن انحصار التمثيلية الدورية في البنيات الكلاسيكية وعدم التقنين الدستوري لباقي مؤسسات المجتمع المدني، كمقياس للتمثيل السياسي يجعل فئة مهمة من المغاربة خارج بنية التأطير والتمثيل السياسي التعددي، وهو ما قد يفسر إلى حد ما أحداث 16 ماي الإرهابية، باستغلال الحركات المنعوتة بالتطرف لهذا الفراغ الناتج عن عدم توسيع القضاء التمثيلي لمكونات المجتمع المدني.
ثالثا: المجلس الدستوري
اشتغل المجلس الدستوري منذ إنشاءه بمقتضى دستور 1992 بثلاث تشكيلات قضائية 1994-1999-2002 أنتج خلالها أزيد من 500 قرار دستوري أغلباها كانت تنصب على المادة الانتخابية.
لكن ما ينبغي الإشارة إليه هو أن المجلس وبالرغم من استقلاله الإداري عن المجلس الأعلى للقضاء على العكس مما كان عليه الحال في الغرفة الدستورية وبالرغم من اعتماده على ميزانية خاصة ملحقة بالبلاط الملكي، وبالرغم من تعدد طاقم أعضائه وتنوعهم المهني إلا أن الاجتهاد القضائي لذا المجلس لم يستطع أن يحدث قطيعة مع الاجتهاد السابق للغرفة الدستورية إلا في بعض حالات المنازعات الانتخابية، لكن الأمر المهم الذي ينبغي افشارة غليه هو أن هذا المجلس يحصر عمل المؤسسات ويضيق هامش حركتها باستعماله منهجين قضائيين متناقضين حسب طبيعة الظروف السياسية.
الأول هو مبدأ المطابقة بمعنى أنه لا يعتبر ممنوعا إلا ما نص الدستور صراحة على أنه كذلك.
الثاني: هو مبدأ المناقضة، أي أنه يعتبر محظورا كل ما لم يكن مباحا بصريح النص الدستوري.
وبشكل عام فإن رصد وتحليل الوقائع التي شهدها المغرب منذ نهاية التسعينات يبين ما يلي:
1- هناك استمرار حضور تمثلات الممارسة السياسية القديمة مع بعض محاولات التغيير داخل تركيبة اجتماعية جديدة، فأنماط الفعل والسلوك السياسي العتيقة ظلت تثير العديد من مظاهر التوتر في الحقل السياسي المغربي.
2- الحديث عن التوافق الاجتماعي بين مختلف مكونات الساحة السياسية للبلاد مازال غامضا وخاصة في علاقة الدولة بالماضي وكيفية التعامل معه أو ما يمكن تسميته بموضوع المصالحة الوطنية.
3- وعلى المستوى الاجتماعي يلاحظ أن المخيال والمعتقد الاجتماعي المغربي يعيش ثلاثة أزمنة متقاطعة في زمن واحد، زمن الشرع، زمن الممارسات العرفية، وزمن التحديث بأنماطه الاستهلاكية.
وتبقى الملاحظة الجوهرية التي يمكن أن تخرج بها المتتبع للحقل السياسي المغربي هي الوقوف على مسلسل متغلب باستمرار، فالاتفاق حول حد أدنى من مؤشرات التغيير لا ينفي استعمال مقاييس تأخذ بعين لاعتبار تعقد التوازنات الراهنة وغموضها، الشيء الذي أكثر تعبير عن التغيرات الراهنة من أي نعوت أخرى.
III- المغرب والانتقالات الديمقراطية المقاربة " البرتغال نموذجا "
سوف أتطرق في هاته النقطة أولا إلى الملامح الحقيقة للتجربة البرتغالية في الانتقال، بدأنا بالأحداث السياسية التي عرفتها هاته التجربة ومرور بثورة قرنفل ومميزاتها، وانتهاء بالدور الحقيقي للفاعلين السياسيين والحزبيين هذا من جهة، ومن جهة ثانية سوف أحاول أن أقرأ على ضوء هاته الشروط، أن أجيب على الإشكال التالي: هل التجربة المغربية استطاعت بتراكماتها القريبة زمنيا أن تحدث شروط وانتقالا ديمقراطيا حقيقيا يساير الانتقالات الديمقراطية المقارنة البرتغال كنموذج لذلك.
1.3 شروط الانتقال الديمقراطي بالبرتغال
لقد شكلت التجربة البرتغالية في ميدان الانتقال الديمقراطي نموذجا مثاليا ذو طابع حقوقي وأحادي، وقد عكست هاته التجربة نموذجا للعديد من الأنظمة التي تزايدت فيها الانقلابات العسكرية وسيطرة نظام الحزب السياسي الواحد على الحكم، خصوصا في فترة الخمسينات والستينات، وقد اعتبرت هاته التجربة منبعا لإحدى الموجات الكبرى التي شهدها العالم المعاصر منذ السبعينات هاته الموجة التي بدأت بعد خمس وعشرين دقيقة من منتصف ليلة الخميس 25 أبريل 1974 في لشبونة حين قامت الإذاعة ببث أغنية مدينة البحر وكانت هذه الأغنية بمثابة إشارة انطلاق للوحدات العسكرية حول لشبونة لتنفيذ خطة انقلاب عسكري وضعت بعناية على يد الخياط الشبان الذين قادوا حركة القوات البحرية، وتم الانقلاب بفعالية ونجاح بعد مقاومة ضعيفة فاحتلت الوحدات العسكرية مباني الوزارات والمحطات الإعلامية ومكتب البريد والمطارات والاتصالات الهاتفية، وفي الصباح احتشدت الجماهير في الطرقات لتحية الجنود، وفي المساء كان الديكتاتور المخلوع مارشيلو كايتانو قد استسلم للقادة العسكريين الجدد للبرتغال، ومن اليوم التالي لترحيله إلى منفاه، وهكذا ماتت ديكتاتورية ولدت في انقلاب عسكري مماثل في عام 1926 وقادة مدني صارم هوانطونيو سلازار لمدة خمسة وثلاثين عامة.
وكان انقلاب 25 أبريل بداية قاسية لحركة عالمية نحو الديمقراطية لأن الانقلابات العسكرية عادة ما تقوم بخلع النظم الديمقراطية، ولا تأتي بها والحديث بشكل دقيق عن التجربة البرتغالية يتطلب بحوثا عديدة بالنظر إلى أهمية هاته التجربة وخصوصيتها المتميزة. بالنظر إلى كثافة أحداثها السياسية. هذا ولإبراز الملامح الحقيقية لهاته التجربة سوف أتطرق إلى نقطتين: النقطة الأولى سوف اوضح فيها الأسباب الحقيقية التي كانت وراء انهيار نظام الدولة الجديدة. والنقطة الثانية سوف أبين فيها ملامح الثورة القرنفلية ودورها في بناء الديمقراطية في البرتغال. كما سوف أوضح فيها الدور الذي لعبه مختلف الفاعلين السياسيين والحزبيين في نجاح هاته التجربة.
النقطة الأولى: الأسباب الحقيقية وراء انهيار نظام الدولة الجديدة
هاته النقطة تحيلنا إلى الحديث عن أهم الأحداث السياسية التي شهدتها البرتغال من بداية القرن العشرين إلى فترة السبعينات.
نجد أهم الأحداث ابتدأت سنة 1930 المصادف لإرساء الجمهورية الأولى وسقوط الملكية، تلا ذلك تبيين نظام الديكتاورية مدينة في عهد انطونيو سلازار سنة 1930، الذي ابتدأت مسيرته كأستاذ للاقتصاد السياسي بجامعة كامبرا سنة 1916، بعد ذلك ستتم تعيينه وزيرا للمالية سنة 1928، مع صلاحيات اقتصادية مكنته من تطبيق إصلاح اقتصادي واسع، ومن تم وزيرا أول سنة 1932 مكنته من إحكام قبضته بشكل نهائي على النظام السياسي، ومن دستور جديد يخول له صلاحيات واسعة ومراقبة تامة لدواليب السلطة، سمي هذا النظام بالدولة الجديدة، وقد استوحى سلازار نظاما سياسيا قوميا، يعتمد في أغلب حيثياته على الإديولوجية الفاشية، مستدل في مشروعيته على الكنيسة الكاثوليكية، دعم أثرياء الملاكين والبورجوازيين جميع السلط مركزة في يد رئيس الوزراء،جمعية وطنية تحت سيطرة الحزب الوحيد ـ الاتحاد الوطني ـ مع انتخابات كرست النظام الاستبدادي، وقد عمل نظام الدولة الجديدة على تطبيق رقابة منتظمة على وسائل الإعلام وسجن كل المعارضين، كما عمل على خلق اتحادات شعبية وهيئات حرفبة لمراقبة المواطنين وإحداث كتابة الشرطة السياسية PIPE القلب النابض بسياسة سلازار. على المستوى الخارجي تبنت الدولة الجديدة سياسة استعمارية منظمة ووضعت أجهزة الدولة لخدمة مشروعها الاستعماري خصوصا في جنوب إفريقيا بصفة عامة كان الخطاب الموجه آنذاك أن للنظام دور تاريخي في المحافظ على الإديولوجية الاستعمارية وتقوية الإمبراطورية البرتغالية تحت عطاء تثقيف الشعوب المستعمرة.
وقد عمل نظام سلازار على تقديم مساعدات للأنظمة السلطوية ( النظام فرانكو في إسبانيا) وفتح موانئه لعبور أسلحة القامة من إلمانيا وإيطانيا لفائدة فرانكو وقد نهج نظام الدولة الجديدة سياسة الحياد في محل الصراعات العالمية، خاصة اثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد هاته الحرب تعرض النظام الاستبدادي البرتغالي إلى حظوظ كبيرة من المجتمع الدولي، من طرف الولايا المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة لدمقرطة نظامه بالإضاف إلى كل هاته الأسباب كان سببا في التمهية لثورة 1974 ابتداء من تنحي سلاوار عن الحكم سنة 1968 إثر إصابته بنزيف دماغي في حادثة الكرسي المسهورة ووفاته عام 1970. تولى بعده مرسلو كيطانو الذي رغم محاولاته لتحرير بعض قطاعات الحياة فإته اصطدم بجمود النظام ومعارضة الرئيس AMERICO لسياسة ومع بداية الستينات واجه نظام الدولة الجديدة عزلة وجمود تأمين حتى من طرف خلفائه من النايو وقد شكلت كثير من الحركات التحررية بإفريقيا في الموزمبي، انغولا، غينيا بيساو الرأس الأخظر تهديدا لسلطته وضغظ متفاقما على ميزانيته. وقد شكلت نفقات الحرب الاستعمارية عبثا ثقيلا على اقتصاد البرتغال. وفي ل التهديد بالتجنيد الإجباري لمدة أربع سنوات اضطر الشباب البرتغالي غلى الهجرة والبحث عن آفاق أخرى هروبا من الفقر. بالإضافة إلى أن الساحة السياسية في البرتغال شهدت تميزا وذلك بتشكيل طبقة عاملة بدأت بخوض نظالاتها وتصدت لها الشرطة بالقمع الشرس. وكان اضطرابات لشغيلة النقل الحضري في لشبونة سنة 1968 وعمال أحواض بناء السفن في ليزفاف عام 1969. الدور الكبير في التمهيد لثورة قرنفل. ترى ما هي أهم المميزات التي ميزت هاته الثورة؟
هذا ما سأشير إليه في النقطة الثانية.
النقطة الثانية: ملامح الثورة القرنفلية ودورها في بناء الديمقراطية في البرتغال
أمام ضغط السياسات الاستعمارية وافتقادها لكل الإمكانيات والتأثيرات في المحيط الدولي، لم يكن ليمر دون إحداث تصدع داخل المؤسسة العسكرية البرتغالية وطابعها الديكتاتوري، ومن جهة أخرى تزايد السط والضغط الاجتماعي المتزايد في طرح الإشكالات العميقة وغيجاد الحلول الناجعة لإخراج البرتغال من أزمتها.
هذا الفرض العارم للإيديولوجية الاستعمارية، والتدبير الديكتاتوري، استطاع أن يحقق إجماعا بين المؤسسة العسكرية تمثلت في حركة ضباط مستائين والشعب. ان تعصف بالنظام الفاشي بالبرتغال عبر ما يعرف بـ " ثورة قرنفل " .
هاته الثورة استطاعت بناء سياسة جديدة، لم تواكب الضغط الداخلي، ولم يساير التطور بأوربا، الأمر الذي عجل ببروز مشاريع مجتمعية تتصارع داخل المجتمع البرتغالي، وانفجار الحركة الرئيسية في انهيار النظام الديكتاتوري ( حركة الضباط) لعدم وجود مشروع متماسك لديها.
تفاعل الساحة السياسية في البرتغال، والضغط الاجتماعي الشعبي المتزايد الذي لم يتوانى في احتلال المصانع والضيعات الفلاحية بمرونة سياسية للأمور من قبل التنظيمين القويين بالبلاد الحزب الشيوعي الذي استعاد عافيته بعد أحداث الثورة القرنفلية، والحزب الاشتراكي المهيكل حديثا بقيادة ماريو سواريس.
إجراءات الحكومة في أبريل 1975 بإحداث إصلاح زراعي، وتأميم قطاعات الكهرباء والبترول والنقل وصناعة التعدين، وتجاوبها مع الحد الشعبي، دفعا التنظيمين إلى بلورة استراتيجية التأثير في المشهد السياسي والحركة العسكرية، والمجتمع بشكل عام، للفوز بأكبر قدر من الدعم. الأمر الذي عجل بحدوث مشاحنات واصطدامات بين التنظيمين. انتهت بالمناظرة الشهيرة بين الزعيمين، عززت موقع الحزب الاشتراكي داخل البرتغال. ولعب ماريو سواريس في إرساء نظام بورجوازي يضع حدا للتجارب الثورية في أوربا.
ومن العوامل المساعدة في بلورة مشروع الحزب الاشتراكي نذكر:
* على المستوى الداخلي:
ü انفتاح الحزب الاشتراكي عن الكنيسة الكاثوليكية بشكل إيجابي رغم تبين العلمانية.
ü تقوية الحريات ومن ضمنها حرية الصحافة.
ü هيمنة سياسة الاعتدال وسط الجيش.
على المستوى الخارجي:
اهتمام أوربا المتزايد بعد 1974 بالتحول الديمقراطي في البرتغال، ودعمها وتثبثها لهذا المسار واستقراراه.
انظلاقا من ذلك برز مفهوم الانتقال الديمقراطي كصيرورة يومية داخل المجتمع البرتغالي، والاندماج في الاتحاد الأوربي 1986 اعتبر خطوة جبارة في مجال التنمية البشرية بتحسيس عيش المواطنين عبر المساعدة المالية للاتحاد الأوربي، والدخول في نظام الجهوية لتقوية المناطق اقتصاديا واجتماعيا وتأهيلها للديمقراطية بشكل نهائي رغم شدة الرفض.
مما سبق نؤكد أن الانتقال الديمقراطي بالبرتغال مر بمسار معقد وشاق. استدعى تظافر جهود المسؤولين العسكريي والفاعلين السياسيين والمدنيين بخلقهم لثقافة سياسية ودستور ملائم وتكوين مجتمع مدني قوي طبقة سياسية لها مصداقية ونهج اقتصادي حر.
في الحقيقة يصعب المقارنة مع التجربة البرتغالية. وحيث أن المقارنة تعتبر مغامرة ولكن هذا لا يعني أن هاته التجربة يمكن استخلاص الدروس منها بالرغم مع أنه لا توجد وصفات جاهزة دوليا فيما يخص هذا الموضوع ( الانتقال الديمقراطي).
وسوف أشير في هاته النقطة أولا إلى الظرفية الزمنية للتجربة البرتغالية. ثانيا إلى العوامل التي ساهمت في إنجاح التجربة البرتغالية وفي هاته الإشارتين أستحضر التجربة المغربية.
أولا: أن الظرفية الزمنية المؤطرة للانتقال الديمقراطي في البرتغال تختلف عن التجربة المغربية بحكم أن في البرتغال الانتقال الديمقراطي تم التمهيد له منذ عقد الخمسينات وكانت أحداثه السياسية متوالية وكثيفة منذ بداية العقد الأول من القرن التاسع عشر، هذا دون أن ننسى أن هذا الانتقال عبت فيه ثورة قرنفل دورا كبيرا كما اشرنا إلى ذلك سابقا ورغم أنه تم بمنطق الثورة إلا أن أسلوب التوافق والتداول السلمي للسلطة هو الذي كان سائدا في البرتغال مع إشارة قوية كما أكد الرئيس البرتغالي ماريو سورايس الأب الروحي للديمقراطية في البرتغال: "أن البرتغال لم تتحدث عن مفهوم الانتقال الديمقراطي ولكن سرعان ما وجدت نفسها تعيش وضعا ديمقراطيا وذلك في محاضرة كبرى بالجامعة الصيفية دورة 2006 . في المغرب نجد تعدد الخطابات، ونجد أن هذا المفهوم تداول بشكل كبير في أغلب الأحيان واتخذ هذا التداول شكلا مائعا واستخدم في غير محله. عكس التجربة البرتغالية كما أشرنا سابقا بالرغم من اختلاف الخصوصيات الزمنية والسوسيوسياسية.
ثانيا: إن العامل الخارجي لعب دورا مهما. وهذا لا ينفي أهمية العامل الداخلي باعتبار أنه كان عاملا غنيا استلزم في البرتغال النضال الحزبي، الحركات الاجتماعية ( إضرابات العمال، الاعتصامات...).
في المغرب العامل الخارجي مهم، ولكن أوجه الاختلاف مع تجارب العالم الأخرى هو أن التجربة المغربية الحديث عن الانتقال الديمقراطي يتم في نفس النظام السياسي ومع ذلك لا ننفي أن هناك بعض التعديلات الطفيفة في النظام لم تصل بعض مرور تطوري نحو هدف معين ( الديمقراطية).
في الأخير يمكن أن نخرج بالخلاصات التالية:
ü الخلاصة الأولى: أنه لا توجد وصفات جاهزة دوليا على مستوى الانتقال الديمقراطي على ضوء التجربة البرتغالية.
ü الخلاصة الثانية: أن الانتقال الديمقراطي يتطلب مشروع مجتمعي وأحزاب سياسية فاعلة وذات مصداقية تستقطب انخراط عدد ممكن. وأن التناوب لا يشكل إلا أداة وليس غاية في حد ذاته.
ü الخلاصة الثالثة: أن النظام السياسي في المغرب يعيش حاليا انتقالا ممدا وهو انتقال يتحول أحيانا إلى شكل انتقال محصور Bloqué transition يوحيان السمة التي لازال عليها النظام السياسي هي حالة ليبرالية سياسية تقود تطور تدريجيا لمسلسل الدمقرطة. ليبرالية سياسية في عقد امتياز سياسي اقتصادي واجتماعي مرتبط فقط بإرادة السلطة السياسية وهو الوضع الذي تفسره عودة الخطوط الحمراء بين الحين والآخر.
ü الخلاصة الرابعة: أن الانتقال الديمقراطي في المغرب يتطلب إرادة حقيقة أو ما يطلق عليه بإرادة الانتقال. ولن يتأتي هذا بدون ترسيخ ثقافة المشاركة والاختلاف. وبدون إصلاح العقليات البنيات الفكرية أولا. ومأسسة المؤسسات ودمقرطتها ثانيا. وهذان الأمران يتطلبات توافق إرادتين: إرادة سياسية لدى المسؤولين من جهة وإرادة شعبية تحمل في ثناياها ثقافة الممانعة والتضحية لدى المثقفين وكل من يحمل هموم هذا الوطن الجريحة والثقيلة، سواء من يشتغل في الحقل المدني أو الأكاديمي أو الحزبي.
إن الانتقال الديمقراطي أمر إيجابي لكن هذا الانتقال يتطلب آليات وتعاقدات حقيقية بين جميع الأطراف لأن الانتقال المحكوم بتنقية المناورة هو نكسة يمكن أن يؤدي إلى تراجعات كارثية. أما الانتقال الممأسس والمعقلن والمبني على ميثاق تعاقدي، فيمكن أن يعطينا درجة للمشاركة وثقة بين جميع الأطراف وهذا هو المدخل الأساسي لتأسيس فضاء التراضي وبالتالي الانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية.

************

المراجع المعتمدة لإنجاز هذا التقرير
.
كلية الحقوق
اكدال الرباط
المملكة المغربية


مقاربة لإشكالية التنمية المحلية والانتخابات الجماعية

إعداد نجاة الراضي - باحثة في علم الاجتماع .

أصبحت إشكالية التنمية المحلية تحظى اليوم بأولوية كبرى في النقاشات العمومية في المغرب بالنظر إلى مجموعة من الاعتبارات.
- الاعتبار الأول: زمن الانتخابات الجماعية السابقة بحكم ارتباطها بالمحلي ؛
- الاعتبار الثاني: ظهور العديد من المنظمات الدولية التي تهتم بالتنمية المحلية ومكوناتها ؛
- الاعتبار الثالث: صدور العديد من التقارير الدولية عن المغرب تشير إلى مؤشرات التنمية المحلية، حيث أن هاته التقارير بالرغم مع أنها غير بريئة إلى أن بعضها يتجاوز التشخيص ويذهب بعيدا عن ذلك.
وذلك عبر صياغة العديد من المقترحات تطالب الدولة بتطبيقها مرتبطة بإشكالية التنمية الإنسانية بصفة عامة والتنمية المحلية بصفة خاصة ( تقارير البنك الدولي، تقارير برنامج الأمم المتحدة للإنماء الاقتصادي والاجتماعي).
بالإضافة إلى أن هاته الاعتبارات أصبحت المناداة بالاهتمام بالتنمية المحلية بحكم التهميش والفقر الذي يطال اغلبية الشعب المغربي، وبالاخص العالم القروي الذي تنتعش فيه أبشع أنواع الإقصاء والتهميش والأمية والفقر.
والتنمية المحلية كمفهوم جاء نتيجة سياق تاريخي ارتبط بظهور الثورات الصناعية والتمدن.
حيث تفنيد المقاربة التحتية للتنمية بحكم أن التنمية المحلية هي تحقيق التقدم والازدهار في مجال جغرافي محدد.
ومع تطور الديمقراطية المعاصرة، وتفعيل دولة الجهات، أصبح لهذا المفهوم قيمته الحقيقة.
حيث أن بعض الدول أصبحت تنادي بعبادة المحلي localismeوتطالب المواطنين بالاهتمام بالمحلي سواء منهما الأحزاب أو الجمعيات.
ومفهوم التنمية المحلية يحمل في طياته عدة مكونات، من أهمها نجد المكون الاجتماعي الذي يحمل عدة مؤشرات مرتبطة بالصحة والتعليم...ومكون اقتصادي يرتبط بالدخل والتشغيل بمختلف أصنافه.ومكون سياسي يرتكز على الحكم الديمقراطي والحكامة الجيدة.
بالإضافة أن الخدمات العمومية هي العمود الفقري للتنمية المحلية، وإذا كانت الجماعة المحلية كوحدة ترابية لها اختصاصات ذاتية واستشارية وقابلة للنقل ولها أدوار تنموية في مجال التنمية الاجتماعية و الاقتصادية، فإنها تعتبر القاطرة التي يمكن تحقيق التنمية داخلها حيث أنه في الجماعة المحلية يمكن تحقيق التنمية المحلية والميثاق الجماعي الجديد يحدد في بعض مواده أنه يجب على ممثلي أي جماعة ان يحددوا مخططا للتنمية المحلية في برامج مجالسهم والسؤال لذي يطرح انطلاقا مما سبق .
إذا كانت هناك علاقة وطيدة بين التنمية المحلية والجماعة المحلية فهل الانتخابات الجماعية التي شهدها المغرب عرفت تسويقا سياسيا لهدا المفهوم . حيث نجد انطلاقا من سلسلة الانتخابات التشريعية و الجماعية التي عرفها المغرب عرفاغيابا لبرامج انتخابية ترتبط بالتنمية المحلية. وإذا كانت انتخابات 2002 اعتبرت كمؤشر على التقدم التدريجي في هذا المجال حيث تم اعتبارها أكثر انفتاحا وتقدما في تاريخ المغرب، بالرغم من استمرار بعض الممارسات التي ندد بها الملاحظون المغاربة خاصة فيما يتعلق بدور المال والنقص الحاصل على مستوى الشفافية في نشر النتائج ومنذ 1984 ظلت محاور كل من الدستور والحريات العامة المحار التي تحرك التحركات السياسية لمختلف الأحزاب، لكن بعد انتخابات 2002 أضيفت اشياء جديدة. الكوطا النسائية التمثيلية النسائية، إعداد مخطط للتنمية المحلية يستجيب لمتطلبات الساكنة .
هاته الأشياء جاءت نتيجة المتغيرات الدولية المعقدة التي جاءت بها العولمة النيوليبرالية.
وتعتبر الانتخابات الجماعية محكا حقيقيا لتداول القضايا المرتبطة بالجغرافية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجال المحلي للساكنة .
لكن الانتخابات التي جرت اوحت بأشياء عديدة من أهمها إن بعض المرشحين في بعض المناطق لم يهتموا برهانات التنمية المحلية ومجالاتها ومكوناتها بقدر ما اهتموا بمحاربة الفساد والرشوة.باستثناء مناضلي أحزاب اليسار الديمقراطي.
إن التنمية المحلية هي المدخل الأساسي لبناء الدولة الديمقراطية الحداثيةيجب إعطائها أهمية كبرى وبنائها يتطلب نضالا ديمقراطيا نوعيا.

الاثنين، 27 يوليو 2009

الجرار


الأستاذ اريس العشاب ، سيدي يحي الغرب .
وكنت كلما أحسست بعدم الارتياح أتوجه إلى البحر علني أجد ما أرغب فيه من الاطمئنان و الراحة ,لا سيما في هذه الأيام العصيبة التي أثرت على حياتي رأسا على عقب ولم أعد أستوعب ما يجري من حولي من أحداث غريبة.

الجرار هذه الأيام أصبح موضوع الساعة ,الوالد و العم و الجار , كنت دائما اسمعهم يقولون عليهم باستبدال هذه الآلة التي كانت وسيلتهم المفضلة في الفلاحة بعدما شحت عليهم السماء بالمطر . لكن الغريب أن هذه الآلة قد استرجعت قيمتها,رغم الجفاف ,بعد أن نالت ثقة أصحاب القرار. أبي كان قد أقسم أن يبيع الجرار و يعوضه بحصان , فغالبا ما أسمعه يقول: الخيل في نواصيها الخير, فهو من عشاق الفروسية .بيد أن أخي الأكبر عرف كيف يؤثر في فكر والدي و يقنعه بأن لايفرط في جراره الأزرق . يا أبي احتفظ بهما معا وكلما احتجت إلى أحدهما فهو لك :قالها أخي, و هو يقنع والدي. الله يرضى عليك يا بني:نطقها و هو معجب بهذا الرأي السديد.
تصفحت هذا اليوم جريدة المساء ,أثار انتباهي عنوان بدا لي غريبا ,لم أستوعبه في البداية: الجرارات تعوض الخيول في موسم سيدي عبد الله هذه السنة.يا لها من مفارقة غريبة؟؟ و من سيطلق البارود؟

قالوا في السابق أن الأجداد حاربوا العدو وهم على صهوات خيولهم . أما الآن فماذا ستحارب هذه الجرارات؟لا شك أن هناك عدو في ساحة الوغى و لا نعرفه.

الذي يعرفه هو............

الخميس، 23 يوليو 2009

المرأة قربان للشرف : حوار مع الكاتبة فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة الاهالي المصرية

تتقدم أسرة تحرير " الصحيفة الإلكترونية " ، باسم قرائها الأعزاء ، بالشكر الجزيل للصحفية و الأديبة و الفنانة التشكيلية العراقية " رؤى البازركان " على تجاوبها مع مبادرتنا . الإدارة .
من دول العالم المتخلفة، التي تحظى بازدواجية المعايير في قياس الأخلاق والتي تزدهر بهضم الحقوق.. وتتفاخر بعدم العدالة..وتتسم بشل الإرادة ..وتحيا بالغاء العقول.. حيث لا إنسان.تبرز جرائم الشرف العربي أو ما يعرف بغسل العار بحق المرأة وانتهاك كرامتها الإنسانية كظاهرة مستمرة وبإحصائيات متزايدة تأخذ طابعا محكوماً بالعادات والتقاليد للنيل من سمعة العائلة أو القبيلة التي دنست عرضها إحدى فتياتها وإصدار حكمهم (ليس لها الحق في الحياة)، فتقتل (الأنثى) من قبل أحد أفراد العائلة من الرجال (الذكور) بسبب علاقتها مع رجل أوالشك بسلوكها لتدفن في قبر منسي. وتفيد الدراسات الميدانية لحقوق الإنسان أن أغلب الضحايا هن عذارى باثبات الطب الشرعي حيث لم يقمن بعلاقات جنسية. والكثير من منفذي مصادرة الحياة من الذكور يتم تحريضهم اجتماعيا بفعل القتل ثم يعلنون الانتصار باستعادة الشرف والكرامة بغسل العار باعتبار أن المرأة عار.فمن ضمن الازدواجيات التي تحفل بها القوانين العربية ومن ضمنها المادة 409من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969،القتل عند مفاجأة الزوجة أو إحدى المحارم متلبسة بالزنى، تنص المادة: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حالة تلبسها بالزنى أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أواعتدى عليهما أوعلى أحدهما إعتداء أفضى الى الموت أو الى عاهة مستديمة). ولا يشفع فعل الدفاع لزيادة العقوبة مع مراعات الحالة النفسية للزوج المخدوع. والمحارم هو تعبير شرعي يعني المرأة التي تكون محرمة على الرجل كالأم والأخت والأبنة وأخريات يشملهن المفهوم. كما أن المادة 380 من القانون المذكور تنص على:( كل زوج حرض زوجته على الزنى فزنت بناءاً على هذا التحريض تعاقب بالحبس) فإذا ما أرادت الزوجة اللجوء الى القضاء للشكوى على الزوج نتيجة هذا التحريض فلاتسمع شكواها إلى أن تزني ثم تشتكي.
ولا يوجد أي نص قانوني يعطي الزوجة الحق بقتل زوجها إذا ماوجدته مع امرأة أخرى في فراش الزوجية. وأزدواجية المعايير نشخصها في قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 في باب التفريق القضائي من المادة 40 التي أعطت للزوجة الحق بطلب التفريق إذا إرتكب الزوج الخيانة الزوجية أو ممارسة فعل اللواط، ولكن عليها أن تقدم دليل إثبات ببينة فتحفظ لها نفقتها، أي التفريق والنفقة مقابل قتلها ،فالعقوبات الغليظة تقع على المرأة والمخففة على الرجل رغم ارتكاب نفس الفعل.والصمت مطبق على عقاب القاتل نتيجة الشك في سلوك المرأة والذي يتم في أي مكان وأي زمان وليس لفعل الزنى من شهود كما رجمت الفتاة دعاء حتى الموت على مرأى من الناس والشرطة.
ومن ميزان العدل الوهمي في تشريع القوانين العادلة لصالح الرجل العربي كان هذا الحوار مع الأستاذة فريدة النقاش حول جرائم الشرف في المجتمعات العربية :
لماذا ارتبط الشرف بالمرأة ولماذا تعتبرعار ولماذا غسل العار؟
علينا أن نحلل هذا الموروث المعقد والمركب لفهم جذوره المتغلغلة في عمق التاريخ والتي نسجت من خلاله الاساطير والقصص، فمن المجتمعات البدائية حيث أثارت خصوبة المرأة الفزع عند الرجل كون المرأة رحم يحمل الحياة ، وأعتبر الدم المرتبط بالمرأة هو دم ملوث وهذا ماجاء في نصوص بعض الأديان، ومنذ أن عرفت الثنائيات التاريخية مثل النور والظلام، الذكر والأنثى، الخير والشر إلخ ، فصار الجانب المظلم الشيطاني من شر وفوضى وانفلات ولاعقلانية يرمز للأنثى وعليه أن جسد المرأة هو رمز للخطيئة والدنس فحواء كما تشير الأساطير أغوت آدم وأخرجته من الجنة. والأنثى عار في الفكر الجاهلي ،وما كان سائداً جريمة وأد البنات. والمرأة توصم بالعار لأنها تحمل في أحشائها الجنين جنين الخطيئة. وهذا كله أسس لفكر وثقافة أن المرأة كائن يستحق القتل.
في مجتمعاتنا العربية تنفذ جرائم الشرف بحق المرأة فقط رغم وجود شريكين في العلاقة ولم نسمع أن رجلا قتل بدافع غسل العار، كيف تفسرين ذلك؟
جسد المرأة كان ومايزال ليس ملكها بل هو ملك الجماعة القبيلة العشيرة أي المجتمع. وأُختزل الشرف العام بشرف المرأة ،بجسد المرأة بمنطقة من جسد المرأة. ومن هنا نسمع الشعارات الرنانة: الدفاع عن شرف الأمة وعرضها، الغيرة العربية على الاعراض، بدل أن تكون الغيرة على الحقوق الضائعة للشعوب العربية والدفاع عن الإنسان. ومن هنا كان شرف المرأة يخص الرجل فقط . فهو يدافع عن شرف واحد، وهذا نفاق. ولذلك لم نسمع بعشيرة قتلت رجلا غسلاً للعار.. أليس الرجل الزاني عاراً؟ فهذه الجرائم ظلم بَين يقع على المرأة ويؤكد على حقيقية دونية المرأة في مجتمعاتنا.
-
لماذا سميت جرائم الشرف وليس جرائم الزنى في القانون ؟ ولماذا القانون يعطي الحق للرجل بقتل زوجته و لماذا لاتقتل الزوجة زوجها في حالة مشاهدتها لفعل خيانته و لماذا تسكت المرأة؟
سميت جرائم الشرف لأن المرأة تعتبر ملكية للرجال وجسدها ملكهم وشرفهم وكأن هذه الجرائم شرعت بأسم قانون الشرف لتعبر عن تبرأة الرجل والغاء عقوبته. وهذا تأكيد لحقيقة إزدواج العقلية الذكورية القانونية التي شرعنت قتل المرأة وأعطت الرجل هذا الحق. فالقوانين العربية تحمل صفة الإزدواجية بالنسبة إلى هذه الجريمة حيث المرأة متهمة والرجل شاهد عليها، وتخفف العقوبة للقاتل وقد تصل الى ثلاثة أشهر وربما شهر ولا يعتبر مجرماً بنظر القانون والمجتمع، بل يُصنع منه بطلاً لأنه غسل العار أي تخلص من جسد المرأة العار، تعاقب المرأة ويكافئ الرجل. ولا يوجد نص قانوني يدين الرجل بالقتل في حالة الخيانة الزوجية . والمرأة إذا قتلت الزوج تعامل كمجرمة وتعاقب بالاعدام أو بالمؤبد مع الأشغال الشاقة ولا يشملها أي تخفيف للعقوبة كأن لاشرف لها، فسكتت لأن القانون ضيع حقها، والشرف هو من حق الرجل فقط.
لكن البعض لايؤيد إعطاء الحق للزوجة بقتل الزوج إذا ما وجدته مع أخرى قد تكون زوجته عرفياً أو متزوجها متعة أو مسيار فالشرع يعطي الرجل حق الزواج بأسماء متعددة مع تعدد الزوجات. مارأيك بهذا التبرير؟
هذا خداع بمعنى أن الزواج لم يكن مبنياً على أساس حقيقي وعميق ولا يحمل مقومات الأخلاق. فالزوج هنا لم يخبر زوجته بزواجه الآخر فهو يمارس الكذب ومن حقها أن تغضب وتثور. فالزواج بناء أسرة حقيقية وليس شهوات غريزية وقتية تحللها الفتاوى ومنها يسود الإنحراف. وعلى المشرعين الغاء قانون الشرف الذي أستغل للقيام بجرائم مجهولة الأسباب ضد المرأة.
لكن المشرعين يؤكدون أن الغاء القانون يفتح المجال أمام إنحراف النساء فالقتل رادع للأخريات ماتعليقك؟
هذا نفاق وإفتراء بتحديد صفة الإنحراف بالمرأة فقط و هذا إنحياز للرجل و دفاع عن الرجال المنحرفين. هذه ليست عدالة إنسانية فالكثيرات قتلن لأسباب غير مدقق فيها بتحريض من المجتمع والقانون والغالبية فتيات غير متزوجات أي عذارى، فقد قتلن مرتين مرة بالتهمة ومرة بالقتل الفعلي . أليس الرجل الذي يدفع بزوجته أوالأخ الذي يدفع بأخواته لممارسة البغاء بدافع الانتفاع المادي هو قواد يمارس أسوء مهنة ضد النساء وضد نفسه وضد الإنسانية؟
لماذا نشهد زيادة في نسبة جرائم الشرف في منطقة الشرق الأوسط حتى امتدت الى العرب الذين يقطنون في الغرب؟
عوامل كثيرة متداخلة منها العوامل الاجتماعية والثقافية التي تكرس دونية المرأة وحرمانها حق إختيار الشريك إلى العوامل الأقتصادية كالفقر والبطالة بالأضافة إلى إنتشار الفكر المتشدد والمتطرف، فهو إنتقام لا واعي ضد المرأة التي تمردت على التقاليد بنظر المجتمع الذكوري.
كيف من الممكن أن يكون القانون عادلاً بين المراة والرجل لتسود العدالة في المجتمع؟
علينا تفكيك الأصول التي بنيَ عليها هذا التراكم البغيض ضد المرأة وإنسانيتها وحتى لانسمح لمجتمعاتنا أن تتحول إلى غابة كل من يجد له ثأراً يأخذه بيده. وعلى المجتمع أن يتخلى عن هذا التوحش وهذه الجرائم بالغاء ما يسمى قانون الشرف واعتبار قتل المرأة هو جريمة قتل، والقتل هو قتل، والجريمة هي جريمة في كل الحالات. وبتشريع قانون عادل للإنسان حيث العقاب يتم بوسائل غير القتل. ولأني منحازة إلى الإنسان والإنسان له عقل ووعي يستطيع أن يتحكم بإرادته وعليه يلغي من القاموس جريمة الشرف.

الأربعاء، 22 يوليو 2009

مسجد المسيرة بحي النهضة : الإمام بين قرار المندوبية ومطلب الساكنة ؟

سيدي يحي الغرب : أحمد مزيود - خاص ب" الصحيفة الإلكترونية لسيدي يحي الغرب " .
تحولت رحاب مسجد المسيرة بحي النهضة2 بدوار الشانطي ظهر يوم الأربعاء 22 يوليوز 09 إلى حلبة للجدال الحاد بين المصلين تطور فيما بعد إلى ملاسنات كلامية وتشابك بالأيدي قبل وبعد صلاة الظهر ، عقب إبلاغ الإمام بقرار الفصل والإعفاء من مهامه من طرف ممثلين عن المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالقنيطرة ؛ والذين حضرا معا صحبة الإمام الجديد . فقبل البدء في أداء شعائر صلاة الظهر وقف ممثل المندوبية السيد " حجي م " من اجل تقديم الإمام الرسمي للمسجد ومعلنا عن فصل الإمام القديم مما أثار نقاشات جانبية و احدث بلبلة في صفوف المصلين حيث انقسموا إلى مؤيد ومعارض لهذا القرار. وقد أصر الإمام القديم على انه لن يخضع إلى هذا القرار الجائر بنظره وأم الناس في الصلاة .وتعود فصول القضية إلى قيام بعض شباب الحي بجمع تبرعات مالية لصالح المسجد المذكور بغية إعادة ترميمه وإدخال بعض الإصلاحات فيه من قبيل إحداث مراحيض للوضوء في الطابق العلوي . كما تم أيضا ، في هذا الصدد ، طلاء الجدران وتزيينها من الداخل بالزليج والسقف بالجبص وربط المسجد بشبكة الماء الصالح للشرب ، وقد تم ذلك في غياب الإمام الذي كان في زيارة لأهله خارج مدينة سيدي يحيى الغرب . وبعد عودته اجتمع بالشباب و ابلغهم استياءه الكامل من هذه الإصلاحات دون الأخذ باستشارته خصوصا وان الإمام يتوفر على سكن ( بيت ) بالطابق العلوي وان ذلك من شانه أن يعكر راحته . إلى ذلك أشار الشباب إلى أن الإمام يستعمل السكن لأغراض دنيئة من قبيل أعمال الشعوذة والسحر لزبائنه من نساء الحي كما انه يختلي ببعضهن في جلسات زنا على حد قولهم . أما الطرف الثاني الذي يتشبث ببقاء الإمام فحجتهم أن الإمام منذ ما يقارب 30 سنة وهو يؤدي مهمته دون أن تساورهم شكوك في سيرته الشخصية كما دعوا الطرف المناهض إلى مساندة الإمام لتسوية وضعيته وإعانته ماديا في إطار( الشرط )عوض الدفع باتجاه فصله من مهامه . وقد اتصلت " الصحيفة الإلكترونية لسيدي يحيى الغرب " مباشرة بعد الحدث بممثل المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للاستفسار أكثر عن حيثيات الموضوع حيث أكد توصله في المندوبية بشكاية من سكان الحي مذيلة بعريضة رافضة لاستمرار الإمام في مهامه وذلك لاستغلال الإمام للسكن لأغراض دنيئة وقد تم إرجاء البث في القضية إلى حين . بقيت الإشارة إلى أن سكان حي النهضة 2 تفاعلوا مع القضية بكثير من الاهتمام حيث تجمهروا بأعداد غفيرة إلى عين المكان وتم تطويق المسجد بين تأييد للقرار ومعارضة جارفة له .

الثلاثاء، 21 يوليو 2009

عبد الواحد بلقصري يحاورالمفكر برهان غليون


قبل قراءة الحوار المفيذ مع الدكتور " برهان غليون " :
* تحيي إدارة تحرير " الصحيفة الالكترونية " الأستاذ الباحث " ع الواحد بلقصري " على حسن تعاونه ، و تتمنى أن تتلق المزيد من مقالاته و دراساته القيمة . إدارة التحرير

أهلا بك دكتور ، السؤال الأول: تعيش المنطقة العربية نماذج من التغييرات السياسية والعسكرية تكاد تلمس جميع البلدان العربية .قوات الاحتلال في العراق، صراعات إقليمية مختلفة، أنظمة تسلطية لا تتقن سوى التعامل مع الأهداف الاستراتيجية للقوى العظمى، حركات سياسية ليس لها أي عمق جماهيري.هل المخرج في نظرك هو التأسيس لدولة ديمقراطية حداثية عبر الانفتاح على الخارج بشروط غير مقبولة، أم يجب تكثيف المقاومة المدنية، أم يعزى الأمر إلى أسباب أخرى؟


غليون:التأسيس لدولة ديمقراطية حديثة هو الهدف. لكن الوصول إليه يستدعي كفاحا طويلا ومريرا ضد قوى داخلية وخارجية، وضد عقليات وأنماط تفكير ومنظومات قيم وسلوكات، فردية وجماعية، كثيرة ومتداخلة. وبناء مفهوم هذا الكفاح ونظريته، وبلورة استراتيجيته، وتحديد وسائل العمل لإنجاحه، يشكل كل ذلك مهمات رئيسية ولا غنى عن تحقيقها للوصول إلى هذا الهدف. هذا يعني أنه لا يوجد مخرج جاهز وفوري للأزمة المجتمعية العميقة التي تعيشها المجتمعات العربية، والتي تتجلى من خلال أزمة السلطة السياسية والاجتماعية والأخلاقية معا، ويعكسها تهلهل وزن الدول وانكسارها، وتحلل الروابط الاجتماعية، وتفكك نظم التسيير والعمل والتفكير والتواصل بين الأفراد والجماعات، ومن ثم انبعاث روح العصبية الدينية والقبلية والاقتتال الأهلي وغياب القيادة السياسية الوطنية. ولا يمكن تأسيس دولة ديمقراطية بالمحافظة على منظورات السلطة والقيادة والتنظيم والتسيير والتفكير القديمة، ولا من خلال إصلاحها وترميمها، وإنما عبر إعادة بناء هذه النظم أي المجتمعات على أسس جديدة تمكنها من الرد على التحديات التي كانت في أساس نشوء الأزمة. ومن هنا، يرتبط الخيار الديمقراطي بالعمل على دفع حركة التجديد والتغيير في الفكر والسياسة والمجتمع والأخلاق. ولأن المسألة لا تتعلق بعودة وإنما ببناء وضع جديد مختلف عن السابق، فهي تبدأ لا محالة وتشترط القيام بنقد الأسس التي قام عليها الوضع السابق المتهاوي. وإذا كنا لم ننجح في التقدم على طريق إعادة البناء هذا بعد، ولا نزال نعيش تفاقم الأزمة، فذلك لأننا لم نتقدم كثيرا على طريق تحقيق هذا النقد الاجتماعي التاريخي الذي يعني كشف أسباب فساد النظم السابقة وهشاشتها بقدر ما يعني بلورة نظرية ورؤية ايجابية للوضع الجديد المأمول وتبيان شروط وفرص إنتاجه في الواقع التاريخي. لا يطرح الأمر إذن كخيار بين الديمقراطية والمقاومة فهما مكملان واحدهما للآخر. فالمقاومة للقهر المحلي والاستعماري ليست بديلا للديمقراطية ولكنها الطريق إليها. وبالمثل لا قيمة لمقاومة مفتقرة لأفق سياسي إنساني واضح، أي غير ديمقراطية. ولذلك فرقت في أحد مقالاتي الأخيرة بين ثقافة المقاومة وثقافة الانتحار وقلت إن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق بضربة خارجية، انقلابية أو أجنبية، ولكن بمراكمة عناصر اليقظة والتحول والتطور الذاتية التي تنشأ وتتفاعل عبر المقاومة الوطنية والسياسية والمدنية والأخلاقية. فلا يكمن الحل في ترك المقاومة أو إلغاء قيمها والاندماج أو الانصهار بالمعتدي والمتسلط والمتجبر، الداخلي والخارجي معا، وإنما في إخضاع برنامج المقاومة لبرنامج بناء الذاتية والقوى الذاتية. وهو ما يجعل من بناء الحرية الشخصية، أي بناء الوعي والضمير والإرادة عند كل فرد، ومن وراء ذلك تأسيس الفعل الأخلاقي، وتاليا الثقافة، شرطا للحرية الخارجية. من دون ذلك لن تكون المقاومة إلا استهلاكا للذات وإفقارا مستمرا للروح واستنفادا لآخر ما تبقى لنا من قيم المدنية الموروثة وتراثها. لن نتغلب على القوى الوحشية المسيطرة بتبني وسائل همجية، حتى لو حققنا بعض انتصارات مادية عليها، تكلفنا أضعافها من الناحية المدنية والروحية، كما يدل على ذلك ما يحصل في العراق من انفلات النزاعات الطائفية والعشائرية والمذهبية. وهو ما يعني أنه ليس هناك حل خارج إعادة بناء الثقافة والحياة المدنية والأخلاقية التي لا تقوم دولة من دونها.


السؤال الثاني:أضحت حركات الإسلام السياسي في عالمنا العربي بجميع تلاوينها تحظى بأولوية إعلامية وسياسية كبيرة (الإسلام الراديكالي، الإسلام المعتدل) وذلك بالنظر إلى المتغيرات الدولية المعقدة المرتبطة بالحرب على الإرهاب من جهة، من جهة أخرى بالنظر إلى الاستهدافات التي أصبحت تباشرها هاته الحركات نتيجة انتشار فكر الأساطير وثقافة الهروب وغياب الهوية الوطنية لدى المواطن العربي؟في نظرك كيف يمكن مواجهة هاته الظواهر، هل بتكريس الوعي الديمقراطي، الذي من شأنه ان يخلق علمانية حقيقية في الوطن العربي، أم الاهتمام بالفكر العلمي النقدي في الجامعات والمنابر الفكرية والإعلامية العربية؟


غليون:تبدأ المواجهة أولا، بنقد حركات الإسلام السياسي هذه من منظور النقد الاجتماعي التاريخي الذي ذكرت أعلاه، أي من فهم شروط ظهورها التاريخية والمجتمعية ومغزاها، ليس باعتبارها نشازا، بالمقارنة مع اتجاه تاريخي علماني أو ديمقراطي أو قومي مقياسي، وإنما تعبيرا رئيسيا عن هذه الأزمة المجتمعية التاريخية، وتجسيدا عميقا لها بما تعنيه من انهيار أسس التفاهم والتواصل المجتمعي وتخبط المعايير الفكرية والأخلاقية معا، وتكاثر الردود العشوائية عليها، وتضارب الإجابات المقترحة للخروج منها. وسوف نكتشف عبر ذلك مباشرة أن ما ندعوه حركات الإسلام السياسي لا يعبر عن مضمون مجتمعي واحد، حتى لو أنه يكتسي وشاحا مشتركا هو الرجوع في صوغ الحلول أو الإجابات المقترحة إلى الإسلام، كنص أو كتراث تاريخي أو كمثال أخلاقي. لكن ليس هناك علاقة بين الرد الإسلامي الليبرالي التركي مثلا والرد الجهادي التكفيري الذي تجسده القاعدة. وبالمثل لا يمكن ايجاد علاقة ذات قيمة من منظور السياسة والاجتماع والتطور التاريخي بين حركات الإسلام السياسي على تنوعها، وبين عودة الجمهور المسلم الواسع إلى المقولات الدينية للتعبير عن تطلعات هي في العمق مساواتية واستقلالية وقانونية حديثة. ففي ما وراء وحدة المرجعية الشكلية توجد مطالب وردود أفعال وتطلعات ورؤى مختلفة أيضا لطبيعة المهام المطلوبة لبناء الوضع المجتمعي الجديد، ولمفهوم هذا الوضع وطبيعته.ما قلته يعني أن الخطابات الإسلامية والعلمانية لا ينبغي أن تمنعنا من رؤية تنوع المشاريع المتنازعة في إطار إعادة بناء المجتمعات العربية المهدمة والمخربة، في ما وراء القشرة الايديولوجية التي تغطي عليها. وكما أن من الممكن لقوى اجتماعية إسلامية المرجعية أن تساهم مساهمة كبرى في نجاح الخيار الديمقراطي وترسيخ أسس استقراره، وهذا ما حصل في تركيا في العقد الأخير، هنا بالعكس حركات وتيارات واتجاهات إسلاموية لا تفيد إلا في تفاقم الأزمة ودفع المجتمعات العربية نحو المزيد من الانهيار والانحلال والغرق في المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والدينية غير الممكن حلها. هذا يعني أن علينا كباحثين أو ناشطين ديمقراطيين أن نتجاوز في نظرتنا لما يحصل مستوى المظاهر السطحية الخارجية، لنركز على الاختلاف بحسب الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، حتى نستطيع أن نشكل كتلا فاعلة أو فاعلين تاريخيين قادرين على العمل من منظور إعادة بناء المجتمعات العربية على أسس ديمقراطية حديثة. أما إذا تثبتنا على مظاهر الانقسام الايديولوجي ونزعنا إلى تكريس خريطة المعسكرات المتنابذة، التي لا إمكانية للتواصل بينها، بعضها إسلامي المرجعية وبعضها علماني، فلن يكون لدينا أي حظ للخروج من أزمة التحلل المجتمعي الراهن، لأننا سوف نكرس الأزمة ونعيد إنتاجها. فهذا التصدع الفكرية والنفسي والديني، مثلما يشكل تجسيدا للأزمة، يقوم أيضا بإعادة إنتاجها، وبصورة أكثر تفاقما مع انبعاث الطائفية والعشائرية بموازاة ذلك. لا ينبغي أن نقبل بهذا التقسيم كأمر نهائي واقع، ونعمل على أساسه، وإنما علينا تفكيكه ومقاومته وحله في منظومة فكرية وسياسية تتجاوز الإسلاموية والعلمانوية، أي تقوم على خيارات سياسية ديمقراطية ووطنية/مواطنية معا. وفي هذه الحالة ليس هناك ما يمنع من الجمع بين التوعية الديمقراطية، كعمل ايديولوجي سياسي، وبين تطوير النقد العلمي والأكاديمي لمظاهر الأزمة المجتمعية والدينية معا.
السؤال الثالث:يعيش العالم العربي العديد من الخطابات المتعلقة بالديمقراطية ومشاريعها (المشروع الحداثي الديمقراطي، حماية الانتقال الديمقراطي....) لكن في المقابل نجد بعض هاته الخطابات تكاد تتبناها الدول وأنظمتها السياسية والأحزاب في برامجها ولا نجد لها داخل بنية المجتمع أي أثر.في نظرك كيف يمكن تكريس الفكر الديمقراطي فكرا وتربية وممارسة؟
غليون:لا يزعجني ضيق قاعدة انتشار الفكرة الديمقراطية ولا يدفعني لليأس. فمن جهة أولى لا تختزل التحولات المجتمعية المطلوبة، أي تحديث المجتمعات العربية في العمق ودمجها في حضارة عصرها، وتنمية فرص انبعاث الإنسان الحر والمبدع فيها،على الديمقراطية، كما أن الديمقراطية لا تحصل في الفراغ وإنما هي جزء من عملية مجتمعية تاريخية أوسع لا ينبغي نسيانها ولا تجاهل ترابط أجزائها وأبعادها. ومن جهة ثانية لا يرتبط الدخول في الحداثة السياسية أو التحول نحو الديمقراطية بانتشار المفهوم الديمقراطي أو بتحول الديمقراطية إلى ايديولوجية غالبة. كثيرا ما تقود الاحداث المجتمعات، إلى الدخول في توازنات سياسية وجيوسياسية واجتماعية معينة تدفع هي نفسها إلى ولادة سيرورة تعددية تساهم في اكتشاف الديمقراطية وتطوير مفهومها. لا أعتقد، على سبيل المثال، أن مجتمعات أوروبة الشرقية وروسيا قد تعمقت في فهم الديمقراطية، أو شهدت انتشار فكرتها على نطاق واسع قبل أن تنتقل إليها بعد انهيار النظام السوفييتي. لقد نشأت الثورة المدنية على النظام القائم بسبب قصور هذا النظام عن تلبية المطالب الأساسية لمجتمعاته، كما تحددها الحقبة التي وجدت فيها، وانكشاف عجز منظوماته عن الإنجاز، وتضاؤل مردوده عموما في جميع الميادين. وحصل التحول للتعددية والديمقراطية بسبب عدم وجود نموذج بديل آخر. ولذلك وجدنا العديد من هذه البلدان، بما فيها روسيا بوتين، تعود بشكل ما تحت سيطرة النخب القديمة الشيوعية، التي بدلت ثوبها، لكن احتفظت بعقليتها، هربا من الفوضى التي أحدثها انهيار النظام.قد يحتج بعضهم بالقول إن ما يميز مجتمعاتنا هو وجود الإسلاموية كبديل للديمقراطية آخر. وهو ما لم تعرفه المجتمعات الشيوعية السابقة. وليس هناك شك في نظري في أن انتشار شعار الاسلام هو الحل يشكل عقبة أمام تطور الفكرة الديمقراطية في البلاد العربية، سواء أكان ذلك بسبب ما يقدمه من حلم بعدالة اجتماعية مستمدة من الوحي، أو بسبب خوف قسم من الرأي العام من البديل الإسلامي وتخويف النظام منه. لكن هذا على المدى القصير وفي المظهر فحسب. فالواقع أن الإسلام قد يقدم، مثله مثل أي دين آخر، نموذجا بديلا للأخلاق والقيم، لكن ليس للاقتصاد ولا للدولة ولا للعلم ولا للتنقنية ولا للتنظيم الاجتماعي. ويشكل الخطاب الإسلامي المتنوع اليوم عاملا من عوامل التشويش على وعي الأزمة وبشكل خاص على بلورة فكر واقعي وعملي تاريخي للخروج منها. بيد أنه لن يحول طويلا دون إدراكها. وبقدر ما سوف تلتئم الشروط التاريخية، السياسية والجيوسياسية، والفكرية للتقدم على طريق الخروج من أزمة التخبط الراهنة، سوف تبرز الخلافات العميقة بين المنتمين للمرجعية الإسلامية الواحدة، ويتم الفرز داخل الإسلاميين بين التيارات الأغلبية التي ستختار طريق الاندماج في حضارة العصر والعيش في شروطه، مع الاحتفاظ بالإسلام كمنارة أخلاقية، والأقلية التي ستفضل النكوص إلى الماضي. فالانتماء إلى المرجعية الإسلامية يغطي مطالب وتطلعات كثيرة ومتباينة ولا يتعارض بالضرورة ودائما مع المطالب المادية والسياسية والأخلاقية التي تقوم عليها المجتمعات الحديثة. من هنا ليست المشكلة الأكبر التي تحول دون نمو القوى الديمقراطية هو انتشار ايديولوجية الإسلاميين، وإنما هناك عوامل أخرى رئيسية ربما كان أهمها التحالف الموضوعي بين النخب الحاكمة المنفصلة عن الشعوب والقوى الكبرى الصناعية التي تريد الحفاظ على سيطرتها الكاملة على القرار في منطقة استراتيجية حساسة، أي بين نظم السيطرة المحلية الزبونية ونظم الهيمنة الدولية شبه الاستعمارية. وليس انتشار الايديولوجية الاسلاموية نفسه سوى نتيجة غير مباشرة وأحيانا مباشرة للمأزق السياسي والاجتماعي والفكري الناجم عنه. وهذا، من دون أن ننسى عوامل أساسية أخرى تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والثقافية والعلمية التي تميز المجتمعات العربية وتحرمها أيضا من فرص نمو توقعات الدخول في الحداثة والاندماج الفعال والايجابي في الحضارة الراهنة.


السؤال الرابع: بشأن الأوضاع المعقدة الأخيرة التي تعيشها فلسطين ولبنان بشأن انعدام الائتلاف الوطني.ما هي العبر التي يمكن الخروج بها من خلال تشخيصك لهذه الأوضاع المعقدة؟


غليون:كما ذكرت، التعبير الرئيسي للأزمة التي تعيشها المجتمعات العربية هو تصدعها وانقسامها بين أكثرية فقدت الثقة بالصيغ والحلول الحديثة أو المرتبطة بفكرة الحداثة ومفهومها، وتكاد تيأس منها، وتعتقد ان المسؤول عن الأزمة اوالتخبط الراهنين هي هذه الصيغ والمفاهيم، وأقلية تعتقد أن السبب هو في تقاليد المجتمع والدين المحافظة وفي رفض النخب الحاكمة تبني الحلول الجذرية التحديثية. والفئة الأولى تطالب بتطهير المجتمع والبلاد من آثار التغريب والحداثة، والفئة الثانية تنادي باستئصال ما تسميه قوى الظلامية والرجعية. ويولد هذا الانقسام بل الفصام، المستند على هيجانات واحتقانات نفسية وسياسية لا على مقاربات عقلية وموضوعية، قطيعة متزايدة بين الطرفين لا مخرج منها. ليس لأن الأقلية التي تسمى علمانية، وهي ليست كذلك، تحتكر، في مواجهة الأكثرية الاسلامية، في أغلب البلدان، السلطة وموارد القوة واستخدام العنف فحسب، ولكن أكثر من ذلك لأن كلاهما، مشروع الدولة الإسلامية ومشروع الدولة العلمانية، أو شبه العلمانية، التي تريد أو تدعي أنها تريد أن تكرس خيار الحداثة وتدافع عنه، بالوسائل القهرية والعنف والاستبداد، طريق مسدود. المشروع الأول لأن الإسلاموية كما ذكرت ليست مشروعا أصلا، وإنما هي غطاء لمشاريع أو لأشباه مشاريع ومطالب وتطلعات مختلفة ومتباينة ومتناقضة، لا يمكن أن تقود، عندما تواتيها فرصة الوصول إلى السلطة، إلا إلى الانقسام المتزايد والاقتتال بين الإسلاميين أنفسهم. وهو ما جرى في جميع النظم الإسلامية التي انبثقت في العشرين سنة الأخيرة، وأحيانا قبل الوصول إلى السلطة. والمشروع الثاني لأن الإستبداد لا يمكن أن يقود، تحت أي يافطة جاء، إلى شيء آخر سوى خيانة الحداثة وقيمها، وتحويل الدولة إلى مزرعة للأسر المالكة أو الحاكمة لا فرق، بقدر ما يعني تحييد الرأي العام، وتفريغ المجتمع من الحياة السياسية، وإكراه الأفراد على الخضوع والطاعة العمياء. فإلغاء الحريات هو الأساس لإجهاض الحداثة وقطع الطريق على أي تقدم آخر، في الاقتصاد والسياسة والعلم والتقنية والإدارة والأمن الوطني والأهلي على حد سواء. فالحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية هي منطلق الحداثة وشرط وجودها، لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء الفرد كمواطن مستقل ومسؤول، ومبدأ تربيته كمصدر وعي وصاحب إرادة ومبادرة، وبالتالي كمشارك أو شريك في جماعة سياسية تتجاوز الرابطة الدموية أو الدينية والمذهبية. ومن دون ذلك ليس هناك أمل لا في قيام أمة ولا دولة حديثة ولا مجتمع مدني. كان من الممكن أن يقود هذا الانسداد المزدوج إلى انتشار إدراك أعمق بالأزمة التاريخية التي تعيشها المجتمعات العربية، ويمهد للخروج منها بصورة أسرع، لو لم ينفتح الانقسام الداخلي ويرتبط التصدع الوطني بصراع أوسع، دولي وإقليمي، يشكل الشرق الأوسط، والمشرق العربي خاصة، مسرحه الرئيسي. بيد أن اندراج الطرفين المتنازعين في الاستراتيجيات الدولية واصطفافهما وراءها قد عملا على تعزيز هذه القطيعة، ودفع نحو حرب داخلية مرتبطة بالحرب الدولية والإقليمية ورهينة لها. هكذا أصبحت الإسلاموية، التي بدأت كحركة احتجاج داخلي على الظلم الاجتماعي والتسيب القانوني والاستهتار بمصالح الناس ومستقبلهم، حركة دفاع عن الهوية في وجه الثقافة والقيم العصرية، بوصفها قيما غربية. وهو ما عززته السياسات الغربية التي وجدت هي نفسها في الإسلاموية عدوا استراتيجيا وتاريخيا بديلا يعوضها عن انهيار العدو السوفييتي، ويبرر للمركب الصناعي العسكري، وللمصالح الاستعمارية أو شبه الاستعمارية عموما، الاحتفاظ بمواقعها ونفوذها في البلدان الصناعية. وبالمقابل، تحولت شعارات الديمقراطية والعلمانية إلى حصان طروادة لتلك القوى الدولية الرامية إلى الاحتفاظ بنفوذها في مواجهة الموجة الإسلامية، أو إلى منطلق لترميم النظام شبه الاستعماري الذي يستند إليه هذا النفوذ. وهكذا تمفصل الصراع الداخلي مع صراع خارجي يتبع أجندته الخاصة، وتعقدت سبل المواجهة الداخلية، ومعها فرص اليقظة والخروج من الأزمة. فقد أعطى هذا الصراع للفريق العلماني المحلي، في كل البلدان العربية وعلى مستوى المنطقة ككل، الانطباع أن بإمكانه الفوز بالمعركة وحسم الموقف لصالحه طالما أنه يحظى بدعم دولي واسع، كما أعطى الانطباع للفريق الإسلامي بأن التنازل أمام الأقلية العلمانية المسيطرة لا يعني خيانة الأغلبية المؤيدة له فحسب وإنما أكثر من ذلك الاستسلام أمام قوى الهيمنة الدولية والاستعمارية. هكذا تحول الاحتجاج الاجتماعي باسم الاسلام، كما جسدته الحركة الاسلامية في بداياتها، إلى ما يشبه الحرب العالمية ضد "الإمبريالية" والسيطرة الخارجية وقواعدها المحلية. كما تحول الدفاع عن مشروع الحداثة العلماني إلى حرب "وطنية" ضد الإسلام والإسلاميين، ومن وراء ذلك إلى ذريعة لتبرير الاستبداد والتحالف مع القوى الاستعمارية. لقد ضاعف ربط الصراعات الداخلية بالصراعات الخارجية من تعقيد المشكلة ومن تفاقم الأزمة، حتى لم يعد من الممكن مواجهة أي نزاع داخلي بمعزل عن الأقطاب الدولية. وبدل أن نتجه نحو تسويات وطنية، كما حصل في جميع المجتمعات التي عرفت العديد من الأزمات، أصبحنا، مدعمين كل منا بحليف خارجي، نتجه بشكل اكبر نحو القطيعة والتخوين المتبادل والمواجهات المفتوحة من دون نهاية. وبدل أن تقودنا مقاومة الأجنبي "وعملائه" إلى تعزيز استقلالنا الوطني عن الدول الكبرى، أو تدفع بنا العلمانية إلى تعزيز التحولات الديمقراطية، عشنا في العقود الماضية التجربة المريرة للسقوط بشكل أكبر في التبعية والالتحاق بالقوى الأجنبية و تعزيز نظم العسف والاستبداد معا.ليس المسؤول عن ذلك الإسلاميين او العلمانيين، وإنما تبني خيارات خاطئة وغير ناجعة في المقاومة وفي المحافظة على الدولة والنظام "العلماني" معا. فلم نر في المقاومة إحتجاجا ضد الظلم والعسف والطغيان، ولكن نبذ القوى والأفكار والمواقع الأجنبية، التي طابقنا بينها والأفكار والقيم والقوى الحديثة. وهو ما يزيد من تعميق الشرخ داخل المجتمعات. وبالمثل، لم نر في الحفاظ على النظم الحديثة العلمانية او شبه العلمانية سوى سياسات الأمن والقمع وقتل الحريات التي ليس لها نتيجة أخرى سوى تعزيز قبضة الممسكين بالسلطة على ثروة البلاد والمجتمعات ومواردهما، وتحويل الفساد إلى سياسية وطنية. وفي النتيجة لم نعمل بخياراتنا الخاطئة هذه سوى على تعميم الاقتتال وتخليده من خلال ربطه بأجندات خارجية. وقد عملت المطابقة الكلية بين مقاومة النفوذ الأجنبي والوطنية، وبين الحفاظ على النظم الحديثة والعلمانية، على خلط في الاوراق قضي على ملكة التمييز عند الرأي العام، وجعل من شعار العلمانية أفضل وسيلة لحل عرى الوطنية ودولتها الحديثة، كما جعل من شعار المقاومة الإسلاموية أفضل وسيلة لتحويل حركة الاحتجاج الاجتماعي عن أهدافها الديمقراطية وجعلها غطاءا لنظم البطش والفساد والطغيان. وها هي مجتمعاتنا تتمزق بين أقليات اجتماعية تعتقد أنها لا تضمن حقوقها الإنسانية وحرياتها إلا بالتعامل المباشر مع القوى الاجنبية، وجماهير مهمشة ومنبوذة لا تجد في مواجهتها من وسيلة سوى بعث العصبية الدينية أو الإتنية أو الطائفية أو القبلية في غمار مقاومة لا ثمرة منها سوى تقويض أسس الحياة الوطنية.
السؤال الخامس:كيف يمكن بناء فكر نقدي في الجامعات العربية من شأنه أن يبني لنا وعيا مجتمعيا يمكن أن يكون مدخلا للتأسيس لدول حداثية ديمقراطية ؟
غليون:بناء الوعي النقدي والوعي الاجتماعي المؤسس لدول حديثة ديمقراطية ليس الواجب الأول للجامعة ولكنه واجب المربين والكتاب والصحفيين والمفكرين والسياسيين. وهو لا يحصل في الجامعة إلا عرضا لأن مكانه وسائل الإعلام والثقافة والمنظمات المدنية والاحزاب التي تعلم الناس العمل الجمعي وروح التعاون والتضحية والمسؤولية الجمعية. أما الجامعات فواجبها الأول هو تنمية المعرفة وتطويرها وبنائها على أسس قوية، أي بناء العلم. والمعرفة العلمية لا تنمو وتتراكم وتتطور إلا بقدر ما تميز نفسها عن الايديولوجية، أي بقدر ما تميز الأحكام الواقعية الوجودية أو ملاحظة الوقائع، عن الأحكام القيمية والمعيارية، أو تقرير ما ينبغي أن يكون أو لا يكون. وعندما تنجح الجامعات في بناء مثل هذه المعرفة العلمية المرتبطة بفهم الواقع كما هو وليس بعلاقته بالقيم المجتمعية، تكون قد أسدت معروفا عظيما للديمقراطية وعلمت الناس كيف يميزون بين خياراتهم الواقعية وتلك الوهمية. وهذا يعني أن الثقافة لا تبنى في الجامعات ولكن للجامعات مهمة رئيسية هي توفير البنية المعرفية العلمية السليمة للثقافة. فثقافة من دون قاعدة علمية متينة، تبقى ثقافة هشة ومعرضة للهزات والتقلبات وربما في عصرنا الراهن للانحسار، وفي أحسن الحالات تظل غارقة إذا نجحت في البقاء في الأحلام والأوهام. لكن ثقافة من دون عقائد وجدالات ايديولوجية، وآداب وفنون وهياكل أسطورية وخيالات وأوهام ليست أيضا ثقافة، ولا يمكن أن تستمر. ولعل أكثر ما أساء لجامعاتنا، وبالتالي لثقافتنا الحديثة لما بعد الحرب العالمية الثانية، هو سيطرة السياسة عليها، وإخضاع المعرفة فيها للخيارات العقائدية. فلم يفرغ مؤسساتنا من مضمونها ويقضي على الوعي وليس على الوعي النقدي والديمقراطي فحسب، سوى فكرة العقائدية وتعميمها في الجامعة والجيش والدولة والعائلة، سواء اكانت العقيدة المقصودة قومية أو وطنية أو اشتراكية أو إسلامية. ومنذ اللحظة التي تضع فيها الوزارة صورة الملك أو الأمير أو الرئيس على الصفحة الأولى من الكتب المدرسية، ينبغي أن نعرف أنها قضت على أي مستقبل للعملية التعليمية، وحطمت الأساس الذي يقوم عليه العلم والذي يبرر إقامة المدارس والجامعات. هذا لا يعني أنه لا ينبغي على الطلبة والمدرسين وغيرهم أن يعملوا في السياسة، وأن لا يكون لديهم ايديولوجية. هذا غير ممكن وعكس المطلوب. كما لا يعني ان هناك معرفة مفصولة عن التربية وعن الخيارات الايديولوجية الحاسمة. لكن الايديولوجية والخيارات الأخلاقية والسياسية ينبغي أن تبقى مسألة متميزة عن المعرفة العلمية، ومرتبطة بخيارات الأفراد الشخصية، لأنها تتعلق بحرياتهم الأساسية ولا وجود لها أو قيمة خارج الاختيار الحر للأفراد. ربما كانت التربية، جزءا من عملية التكوين على مستوى العائلة والحضانة والمدارس الابتدائية والثانوية، لكن الجامعات هي بالأساس مؤسسات علمية، أي متخصصة في التكوين العلمي والمهني والبحث وإنتاج المعرفة وتنميتها. والمطلوب منها أن تسهر على تخريج علماء يتقنون مجموعة معينة من المهارات والقدارات والمعارف التي تمكنهم من القيام بالواجبات التي تقتضيها وظيفتهم العلمية أو الإدارية أو التقنية، من دون أن يتأثر هذا التكوين باختياراتهم السياسية والأخلاقية، أو يؤثر فيها، ليبرالية كانت أو اشتراكية أو قومية أو إسلامية أو غير ذلك. ولا يمكن للجامعة أن تجمع بين تكوين قدرات الناس العلمية ومهاراتهم، بصرف النظر عن خياراتهم السياسية والأخلاقية، إذا تبنت بعض هذه الاختيارات. فهي لا يمكن أن تخلط بين الوظيفتين العلمية والايديولوجية من دون أن تهدد بالتشويش على وظيفتها الرئيسية وربما بخيانتها. لكن في مجتمع تحرم فيه السلطة، لأسباب سياسية واستراتيجية أمنية، كل النشاطات الفكرية والسياسية الحرة، فلا تسمح بوجود منتديات فكرية ولا صحافة حرة ولا جمعيات مدنية مستقلة ولا أحزاب سياسية حية، من الطبيعي أن ينتقل النشاط الايديولوجي، الذي لا غنى عنه لأي مجتمع، إلى الجامعة، بوصفها تشكل مركز تجمع العاملين بالبحث والفكر والثقافة عموما. وأحيانا يشكل هذا الخيار جزءا من سياسات بعض الحكومات التي تعتقد أنها تستطيع بذلك أن تحصر النقاش المتعلق بقضايا سياسية ووطنية حساسة في إطار مغلق ودائرة محدودة، وتمنع الرأي العام من الاتصال بالمثقفين والباحثين أو التواصل مع أفكارهم والتأثر بهم. ونحن نعرف اليوم نتائج هذه السياسة وتأثيرها المدمر على منظومة إنتاج المعرفة وتطوير العلم والبحث والتقنية في البلاد العربية.

الاثنين، 20 يوليو 2009

قصة قصيرة : و يموت العصفور!



القاص المبدع : أحمد مزيود

أمطار مزمجرة خيوطها تصل السماء بالأرض غسلت وجه ذاك الصباح الريفي، رياح تزفزف بين الفجاج تعبث يداها بأوراق الأشجار، بسنابل الحقول… هو العصفور جلس وحيدا في عشه يرتعش من البرد نافضا عن ريشه ما علق به من غبار الزمن الميت كراهب جثا على ركبتيه داخل المحراب متبتلا لربه بغفران خطاياه، في كل مرة ينتظر طلوع الفجر، يراقب عودة سربه الذي تاه عنه، و في كل مرة يعود كسير القلب .. منهوكا .. متعبا.. طال انتظاره احتراقه .. " يجب أن ارحل " هكذا قال في لحظة غضب، في ليلة منسية من ليالي الزمن الرديء.
بين قراره و رحيله فر الإحساس من قلبه الذي ألف السؤال و اعتاد الانتظار، من فؤاد اثخنته الجراح، و حين يشتعل الألم من ثنايا جوانحه يضاجع ذكرياته، و الأحلام تنام تحت وسادته تقض مضجعه فينهض ثائرا لا يلبث ان يدفن وجهه بين راحتيه مستسلما لبكاء ردد صداه الجبل الذي يتوسد صخره… لم يعد في وسعه تحمل الغربة القاتلة و هذا المنفى، و الصمت الموغل في الأشياء حوله .
عبرات مالحة زادت من ملوحتها الأتعاب اليومية .. لم تستطع العصافير الاخرى التسلية عنه و لا جعله يندمج معهم، فقد ظلت تفصله عنهم أحلام و مذاهب متناقضة و حقب من ظلام داكن رغم ما يجمعه بهم من طقوس يومية رتيبة و لغة هشة.. طالما حاول الانسلاخ من فضاء/ زنزانة قاسى فيها غلظة سجانيها و فضاضة قلوبهم.. مل هذه الحياة و ايامها التي رمته في دوامة قاتلة.. طلب الموت من اجل الخلاص، لكن لم يأت.. و ظل الجرح فيه ينزف يأسا و قلقا..
جمع الحقائب و استعد لسفر.. لا يدري نهايته.. ربما إلى حدود الأرض.. إلى بلاد تنكر تحيته الصباحية.. كانت أسراب من طيور مختلفة تمر بطريقة تمنى لو سربه يعود فيرحل… علمت العصافير برحيله فجاءت تتبين الخبر اليقين.. و تذرف دموعا ليس على فراقه بل شفقة عليه لضياعه في زمن الأخطاء يتابع ضوءا هاربا.. تكلموا بلغة لا يفهمها… بادلوا التحيات.. قاسموه النظرات و الآهات..
لوحت الأيدي في السماء… و تبعته العيون مشيعة.. خطا أول خطوة في الطريق المليئة بالأحجار و الحصى.. كان مترددا لكن شخصه الباطني هتف " امض فلست أول المارين ".. من تحت قدميه تمددت الطريق، تورمت من كثرة المشي.. تملك التعب بكل قطعة من جسمه.. أحس برغبة في الطيران.. عبثا حاول فقد سكنت الشيخوخة عظامه.. ظل تفكيره طوال سيره مشدودا إلى سربه الذي لم يعد.. اكتظ عقله بتخمينات في أي مكان عساه يكون طمعا في اللحاق به.. بدت له الطريق بلا علامات.. بلا نهاية.. أحس انه يمشي على كبده. أحيانا يسترق النظر إلى الخلف حيث آثار أقدامه تمحوها الرياح، إلى أيامه و سنواته التي قضاها هناك و هي تنموا في عينيه بدون شكل و لا طعم هناك خلف ذكريات لا يستطيع التاريخ تدوينها.. كان حلمه التمتع بأوقات هنيئة.. زمن غادر اختطف منه رفاق الدرب و تركه وحيدا.. فريسة للفراغ تقاوم الأشياء.. يتنفس الغضب و ينفثه رصاصا قاتلا.. تتراءى له احلامه تتبدد و تختفي في ضباب واقعه.. على جنبات الطريق بدت له بيوت صغيرة كأن زلزالا حطمها و هجرها أصحابها.. خمدت نار موقدهم تحت رماد تصلب لبكاء السماء .
احتواه الليل بيديه السوداوين.. فرح طفولي يغمر نفسه الباحثة عن أمان لاول مرة يشعر بهذا الإحساس.. تنفس الصبح لم تكن بيوتا تلك التي رأى بل قبورا ناصعة البياض تجمعت هنا و تفرقت هناك بينها قبع قبر حديث العهد كتبت على لوحته الرخامية عبارة: " هنا يرقد عصفور قال يوما: أرونا الحرية جهرة فأخذته الصاعقة. انا لله و انا إليه راجعون ".
***
ملحوظة: قال المذيع: و إلى حين استيقاظه من موته نوافيكم بآخر أخباره و شكرا.

ملاحظات بشان بعض الخروقات الانتخابية التي وقعت بجماعة القصيبية سيدي سليمان

نجاة الراضي


الملاحظة الأولى - الحياد السلبي للسلطات بل هناك تواطأ بعض رجالات السلطة .
الملاحظة الثانية - الضغط و تهديد الناخبين من اجل التصويت على منافسي مرشحة تحالف اليسار الديموقراطي .
الملاحظة الثالثة - استثمار بعض أعيان المنطقة من اجل استمالة الناخبين و توجيههم.
الملاحظة الرابع - استغلال فقر الساكنة باعتبار أن اغلب الساكنة تعمل في مشاريع الإقطاعيين الدين ترشحوا كل هدا سهل المأمورية من اجل الضغط و التهديد بجميع أنواعه.
الملاحظة الخامسة- يوم الاقتراع كان مجموعة من السماسرة الموالين لحزب الاتحاد لاشتراكي و الاتحاد الدستوري يقومون بنقل الناخبين.
الملاحظة السادسة- عدم احترام القانون الانتخابي من طرف المرشحين المنافسين سواء داخل مكتب التصويت أو خارجه .
الملاحظة السابعة- سحب الترشيح بعد وضعه أمام اللجنة الإدارية المكلفة بقبول مسطرة الترشيح من طرف حزب الاتحاد الدستوري.
الملاحظة الثامنة- مطالبة الأعضاء المرشحين بسحب ترشيحا تهم من بينهم احد أعضاء حزب البيئة و التنمية.
الملاحظة التاسعة- انسحاب احد الأعضاء المرشحين في مقابل ترشيحه لشقيقته.
الملاحظة العاشرة- ترهيب الدرك الملكي من طرف أباطرة الفساد مرشحي حزب الاتحاد الاشتراكي و الاتحاد الدستوري .
الملاحظة الحادية عشر- توزيع المال يومه الاقتراع و خصوصا لفائدة الشباب.
الملاحظة الثانية عشر- تهديد المنافسة الممثلة لتحالف اليسار الديمقراطي. التهديد الذي طال حتى آسرتها و دلك بسبب صمودها القوي.

* اعداد نجاة الراضي باحثة في علم الاجتماع كلية الآداب والعلو الإنسانية القنيطرة

خواطر حول «الحالة الدينية - السياسية» في ايران


أدونيس :
-1-لا أريد هنا أن أتحدث عن الجانب السياسي، بحصر المعنى، للانتخاب الرئاسي في ايران. أريد أن أتخذ منه مناسبة للتأمل في ما يتجاوز المسألة الانتخابية الى المسألة الدينية في كل ما يتصل بالعلاقة بين التشيّع والسياسة، في ضوء الواقع الكوني وفي ضوء الخبرة التاريخية.وأجد الآن ضرورة شخصية للقيام بهذا التأمل، خصوصاً أنني انحزت بين كتّاب كثيرين عرب وأجانب، الى «الثورة الايرانية» التي قادها الإمام الخميني، بوصفها مجالاً يمكن أن يتيح مزيداً من الحراك السياسي والثقافي، مقارنة بنظام الشاه. غير أنني قَرَنت انحيازي هذا بتحذير مزدوج:
1- حذرت من بناء السلطة الثورية الجديدة على الدين.2 - وحذرت من الفقيه العسكري: آلة اللقاء بين الديني من جهة والسياسي الاجتماعي، من جهة ثانية. بحيث يتحول الدين الى مجرد ايديولوجيا.وقد أوضحت موقفي آنذاك في ثلاث مقالات:الأولى بعنوان: «بين الثابت والمتحول: حول المعنى الحضاري للحركة الاسلامية الايرانية»،الثانية بعنوان: «انطلاقاً من فرح النصر الأولي: شيء من القلق والخوف»،الثالثة بعنوان: «من المثقف العسكري الى الفقيه العسكري».وهي مقالات نشرت تباعاً في مجلة «النهار العربي والدولي»، التي كانت تصدر آنذاك في باريس:العدد 93 (12 شباط 1979)،العدد 95 (26 شباط، 1979)،العدد 166 (12 تموز 1980).وقد استعيدت هذه المقالات الثلاث في الجزء الثالث من كتاب «الثبات والتحول: بحث في الإبداع والاتباع عند العرب»، (دار الساقي، الطبعة الثامنة، 2002).-3-من الصعب، كما يبدو لي، فهم ما يجري الآن في ايران، بمعزل عن المسار التاريخي لممارسة التشيّع، فكرياً وسياسياً، منذ الخلافة الاسلامية الأولى.ولقد نشأ التشيّع، انتصاراً للحق والعدالة، ورفضاً للطغيان السياسي. كان طريقة في التحرر من المؤسسة السياسية السلطوية التي كانت تفرض ارادتها باسم الاسلام، وتحكم كما تشاء وتقتل من يخالفها. (ومهما كان الرأي في الدين، فقد نشأ، في الأصل، هو نفسه بوصفه تحرراً).هكذا مثّل التشيّع تاريخياً، الوجه الآخر غير السلطوي، للحياة الاسلامية العربية: الحرية، المخيّلة، التمرد، الشعر...الخ. وفي هذا ما يتيح لنا القول، بشيء من التبسيط، إن التاريخ العربي ينهض على دعامتين: فن بناء الدولة الذي شُغل به أهل السنّة، وفن بناء الثقافة الذي شغل به أهل التشيّع.منذ 1979، أخذ التشيّع في ايران يتحول الى مؤسسة فقهية سياسية - اجتماعية. صار سياسة وسلطة. هكذا أخذت ايران تدخل في حالات من الصراع لا تنتج، على الصعيد الداخلي، إلا مزيداً من التفكك، سواء كان هذا الصراع ثقافياً أو إثنياً أو دينياً، ولا تنتج، على الصعيد الخارجي، إلا مزيداً من العداء. وحلّت العسكرة محل التنوع والتعدد. وأصبح التشيّع معجماً آخر للأمر والنهي. وخضع النظام لآلية الفقه العسكري.واليوم، حين نسمع عبارة «ديموقراطية دينية»، يصدمنا التناقض الصارخ مع الدين ومع الديموقراطية في آن. فعندما يصبح التدين تأدلجاً، يتحول الى طغيان. فلا ديموقراطية في الممارسة الدينية السائدة. الدين فيها انحياز، والديموقراطية حوار لا بين مؤتلفين، بل بين مختلفين. أو لنقل، بتعبير آخر: هذه «الديموقراطية الدينية» قمع يسوغه الدين، ويأمر به التديّن. وهو إذاً قمع يزدري الانسان وحقوقه، لأنه لا ينظر اليه إلا بعين قربه الى الدين أو بعده عنه. ومن غير الانساني أن يختزل عالم الانسان في التدين. فالكائن الانساني أكثر من متدين، وأشمل وأغنى. والفاجع الساخر هنا هو أننا نسمع، اليوم، في ايران، ونقرأ كلاماً ضد بعض الشيعة ليس إلا تنويعات على الخطاب الذي كان يكرر في الماضي، أموياً وعباسياً، ضد أهل التشيّع أنفسهم.-5-هل يصح، في هذا السياق، التعاطف مع «الأنظمة القمعية» بحجة أو بأخرى؟لكن، ماذا تعني محاربة قمع خارجي في مجتمع يعيش تحت كابوس قمع داخلي؟ وهل هي ممكنة أو فعّالة؟أليس القمع الداخلي حليفاً موضوعياً للقمع الخارجي؟ أليس القمع الداخلي نوعاً آخر من «الاستعمار»؟لا يستطيع المجتمع أن يحارب أعداءه في الخارج إلا بتنوعه وتعدده وحريته. النظام، ولو كان قائماً بإرادة إلهية لا يقدر وحده على هذه المحاربة. النظام الذي «يقتل» من يعارضه في الداخل سيجد نفسه عاجلاً أو آجلاً «مقتولاً» بعجزه الخاص، وبالداخل السجين، «المقتول»، وبالخارج المتربص الذي يتحيّن الفرص للانقضاض.-6- الدولة التي تقوم على التأدلج الديني، مدعوماً بـ «الارادة الإلهية»، دولة محكومة بكونها نظاماً قمعياً. وماذا يعني مجتمع يديره مثل هذا النظام الذي يدير بشراً مستسلمين منقادين، طوعاً أو كرهاً؟ وقبل ذلك، ماذا يعني الانسان في هذا المجتمع المقيّد - عقلاً، وفكراً، جسداً ومعرفة؟إنه نظام يقترن فيه الدين بالعنف اقتراناً عضوياً. الفقيه نفسه يصبح عسكرياً، وتتحول الدولة ومؤسساتها الى سجون يحرسها الطغيان.-7- أودّ أن اختتم بطرح هذه الأسئلة:1- ألا يحق لنا اليوم أن نرى في الممارسة الدينية السائدة نفياً متواصلاً للدين نفسه بوصفه تحرراً في نشأته، ذلك انها ممارسة قائمة كلياً على القمع والعنف؟2- ألا يحق لنا القول إن الممارسة الدينية السائدة ليست الا نوعاً آخر من تقويض الداخل الانساني، في كينونته ومعناها، من حيث أنها تقويض منظّم لعوالم الحرية؟3- ألا يحق لنا الخوف من ان يهزم الدين نفسه بنفسه في هذا القرن، كمثل ما هزمت العروبة نفسها بنفسها في القرن الماضي؟ ذلك أنه، في الممارسة، كمثلها هي: لا ينتج إلا مجتمعاً مقيّداً، سطحياً، وآلياً.4- ألا يصح القول: إن كنا نريد فعلاً أن نتحرر من استعمار الخارج، بجميع أشكاله ومستوياته، فذلك لن يتم اطلاقاً إلا بالتحرر من داخل، بجميع أشكاله ومستوياته؟

عن الحوار المتمدن

الأحد، 19 يوليو 2009

سياسيون و نقابيون و حقوقيون و جمعويون :


ينتفضون ضد غلاء فواتير المكتب الوطني للماء بأبي الجعد .

متابعة : حميد هيمة hamid.hisgeo@gmail.com :

تستعد عدة فعاليات سياسية و نقابية و حقوقية ، منضوية تحت لواء التنسيقية المحلية لمواجهة الزيادات الصاروخية في تسعيرة فواتير الماء ، لتنظيم وقفة احتجاجية إنذارية يوم الأربعاء 22/07/2009 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا أمام المكتب الوطني للماء بالمدينة المذكورة .

و تأتي هذه الوقفة الاحتجاجية ، كما أفادنا بذلك عضو مجلس الفرع في الحزب الاشتراكي الموحد ، على خلفية الارتفاع غير المقبول في أثمان تسعيرة فواتير الماء بالمدينة . و أكدت ، من جانب آخر ، مصادر متطابقة ؛ أن الوقفة المزمع تنظيمها كان يتم الإعداد لتنفيذها أمام مقر بلدية المدينة ، التي يرأسها تحالف يقوده حزب العدالة و التمية ، للاحتجاج على الحزب المذكور و لفضح هذا الحزب ؛ الذي قدم و عودا سخية إبان الحملة الانتخابية . لكنه سرعان ما انقلب عن وعوده في أول امتحان له ، يضيف مواطن بجعدي .

و كشفت مصادرنا ، إلى أن الارتفاع المهول في تسعيرة الماء يثقل كاهل الساكنة البجعدية ؛ التي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية خانقة كسائر المدن التي تفتقر إلى المشاريع التنموية الحقيقية . إن هذه الحيثيات ، يضيف مصدرنا ، ستدفع الساكنة المحلية ، بتأطير من القوى التقدمية ، لمواجهة هذه السياسة التفقيرية . خصوصا أنها تتوفر على مخزون نضالي ، كما أبانت عن ذلك في الوقفة التضامنية الحاشدة مع الشعب الفلسطيني . و أضاف ، أن القوى الديمقراطية مستعدة لإبداع كل الأشكال النضالية الممكنة لمناهضة تفقير المواطنيين تحت غطاء فواتير الماء و الكهرباء .

يذكر أن التنسيقية المحلية تبلورت كمشروع في مقر الجامعة الوطنية للتعليم – الاتحاد المغربي للشغل بأبي الجعد - و تضم في عضويتها فعاليات سياسية و نقابية و حقوقية و جمعوية
.

السبت، 18 يوليو 2009

قرارات تنظيم مركز تكوين مفتشي التعليم 13 يوليوز 2009


حمل من هنا قرارات تنظيم مركز تكوين مفتشي التعليم 13 يوليوز 2009 -

عن الجريدة التربوية الالكترونية -

قصة قصيرة : كوادلوبي وطامو

القاص : احمد امزيود
تنظر العينان إلى الساعة الحائطية ..تتخلص اليدان من السكين الذي كان قبل قليل ينزع الحضر قشورها لإعداد وجبة العشاء… تنتقل القدمان في إيقاع نحو الغرفة المجاورة للمطبخ …يضغط الإصبع على زر الشاشة الصغيرة .. تجلس الطامو تراقب ما يجري خلف الزجاجة، كما الهرة تتربص فأرا.يظهر الفريدو مطوقا بيدي كواد لوبي الناعمتين في إحدى نزاهتهما في أحد أزرق…تبدو رشيقة… تنظر إليه في غنج ودلال… يمشيان ثم يستريحان فوق كرسي بالحديقة العمومية…تقبله في رومانسية معتادة …تسأله (هل تحبني؟) ويأتيها صوته الدافئ: بل أعشقك حتى الثمالة )السؤال ذاته كثيرا ما تردد على مسامع طامو كلما سنحت لها الفرصة باللقاء بفارس أحلامها الجيلالي… تتذكر، بالأمس كانت معه بعدما أوهمت أمها بزيارة صديقة لها مريضة… لم يكن فرحا كالفريدو..هي التي هي التي أثارت غضبه بسؤالها عن موعد الخطبة، فقد طال انتظارها ومعه طالت ألسنة الناس شرفها وعرضها.. لكن ما بال الفريدو لا يقلق لمثل دلك من كواد لوبي، قد يكون له عمل في شركة، يؤمن له حياته المستقبلية، وشقة متواضعة .. قالت طامو وكأنها تحادث أحدا: (وحتى الجيلالي حامل إجازة ربما توفر له شغل).تنهض كواد لوبي وبخفة يد تسوي خصلات شعرها..تستأذن الفريدو في التمشي قليلا..تندمج طامو إلي حد الاختناق مع أحداث المسلسل..لم تكثرت لطرقات متوالية على باب الدار.في حركية عارضات الأزياء، دارت كواد لوبي أمام المرآة مزهوة بنفسها …شكرت الفريدو على هديته …وعدها بأخرى في فرصة قريبة ..قال الجيلالي لطامو يوما وهو يقدم لها صابونه (كاماي )وقارورة عطر بمناسبة حلول السنة الميلادية:(الليل أفضل كي نلتقي) مرة تبعها أطفال الحومة هاتفين( أطلق الدجاجة لمآليها دابا تبيض وتوحل فيها )… السيارة الفارهة تزدرد خيط الإسفلت ..تجوب شوارع المدينة تتوقف أمام مطعم الماكدونالد ….يفتح الفريدو الباب لكوادلوبي … يلجان …يقدم النادل العشاء لهما تطعمه بيدها ويطعمها بيده على الطريقة الأوربية . يتبادلان البسمات بيدين متشابكتين يقومان للرقص على إيقاع موسيقى هادئة . يراقب الفريدو كواد لبي وهي تصعد درج المنزل… يعود قافلا بسيارته سكناه …سحر جمالها لا يزال آخذا بتلابيب تفكيره …تنظر العينان للساعة الحائطية …تخطو القدمان نحو المطبخ ..العشاء لم يجهز بعد .

الجمعة، 17 يوليو 2009

سيدي يحي الغرب تنتفض

أبو نضال :

تواصل ساكنة سيدي يحي الغرب نضالها ، في إطار تنسيقية المجتمع المدني ، لمناهضة الإلحاق التعسفي للمدينة بالعمالة الجديدة لسيدي سليمان . حيث تم تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة للمرة الثانية أمام باشوية المدينة بتاريخ 13/07/2009 . و في انتظار الإنتهاء من إعداد التقرير التفصيلي للوقفة ، نمد زوارنا الأعزاء بألبوم صور الوقفة الاحتجاجية .




























حقوق إعادة النشر مكفولة للجميع شريطة الإشارة إلى المصدر .

الخميس، 16 يوليو 2009

جيش الفرطوط " يفك حصاره " عن سيدي يحي الغرب .

تغطية خاصة للمدونة

أبو نضال : عضو جماعة ضحايا بوفرطوط







تعرضت مدينة سيدي يحي الغرب ، منذ بداية الصيف الحالي ، إلى " غزو " جوي و بري رهيب ، قادته جيوش " بوفرطوط " . و بحسب العديد من التقارير – الشفوية طبعا – فإن جيوش بوفرطوط احتلت المفاصل الحيوية للمدينة ، و تحديدا المناطق المتوفرة على الإنارة . و قد كشفت القيادة الميدانية لعساكر " بوفرطوط" ، في بيان نسب إليها أذاعته قنوات المقاهي على نطاق واسع ، أن محاولة تجميع قواتها بالقرب من أعمدة الإنارة ؛ الهدف منه تعطيل إمداد السكان بهذه المادة الحيوية . و أضافت ، في البيان نفسه ، أن طائرات قواتها نفذت عدة غارات عدوانية على السكان العزل المرابطين على طول الشارع الأوحد للمدينة في الليل . من جانب أخر ، أكدت مصادر متطابقة أن هذا الهجوم خلف عدة " ضحايا " ، خصوصا الأطفال : بقع حمراء على الجسد ،،، الخ . إضافة إلى العياء المزمن جراء ، فقط ، محاولات إلحاق المدينة بعمالة سيدي سليمان ؟؟؟

وتشير بعض القرائن إلى أن هناك تحالف مضمر بين " بوفرطوط" و جهات سياسية نافذة ، هذه الأخيرة سهلت الغزو المفاجئ " لبوفرطوط " على لسكان العزل لدفعهم إلى التصويت لفائدة بعض المرشحين المحسوبين على الجهات السياسية المومأ إليها سلفا . وهو ما يفسر تقاضي كل " فرطوط " مبلغ 300 درهم نقدا قبل أو بعد أدائه للشعائر السياسية ليوم الجمعة المعلوم .

و استغرب العديد من الخبراء و المتتبعين للشأن " العسكري " و لمجريات هذه المعارك ، من ضعف قدرة المضادات الأرضية العاجزة عن صد الهجمات المتكررة لطيران " بوفرطوط " معززا "بجيش " بري كثيف .



و قبل إغلاق هذا المحور ، توصلنا بخبر عاجل ، يفيد أن جيش بوفرطوط انسحب من شوارع المدينة إلى و جهة غير معلومة ودون سابق إنذار ، الأمر الذي رفع منسوب التخوف لدى المواطننيين . بعد أن قامت عدة فعاليات بالتحرك لمناهضة كل " الفراطيط " المسلطة على المدينة : و تنظيم وقفتين احتجاجيتين ( حشم فيها بوفرطوط الليل ( و انسحب ، فيما لازال " بوفرطوط " الحقيقي جاثم على قلوبنا ... الخ .

فإلى متى سينسحب بوفرطوط البشري ؟




sidiyahyagharb@gmail.com

سجل الزوار

الاخبار من الحوار المتمدن : أكبر موقع عربي .

يومية المساء في صحيفتكم الإلكترونية لسيدي يحي الغرب