أخبار عربية أخبار دولية

أخــبــار مــــحـلــيـة - إقــلـيـمـيـة - جهويـــة


"- يحياوي : حركة 20 فبراير الشعب يريد التغيير سيدي يحيى الغرب والاشكال النضالية مستمرة - يحياوي : اعتقال العربي اللقطة مرشح "النخلة" بسيدي سليمان في حالة تلبس بتوزيع رشاوى لشراء اصوات الناخبين - يحياوي : الراضي عبد الواحد يزور قلعته المحصنة بالدواغر للايطو يحياوي :الفتور يطبع الحملة الانتخابية بسيدي يحيى الغرب - يحياوي : البنية التحتية بحي الوحدة "التجهيز" خارج اهتمامات رئاسة المجلس البلدي - يحياوي : - يحياوي :فريق كفاح سيدي يحيى يعيد تجديد هياكله وانتخاب مكتبه المسير - يحيا وي : انطلاق الحملة الانتخابية لعدد من الاحزاب بالمدينة وسط فتور وتذمر شعبي يحياوي :يمكنكم كتابة تعليقاتكم عبر نافدة "سجل الزوار" أو - يمراسلتنا عبر البريد الالكتروني."


للنشر : soultane_01@hotmail.com / hamid.hg@hotmail.com

سجل الزوار

الخميس، 21 يناير 2010

الزاوية بين أنساق الورع وإغراءات السياسة

إدريس الخضراوي
تتخذ هذه المقالة من كتاب أصول الطريقة التيجانية للباحث المغربي الجيلالي العدناني موضوعا، تفكر فيه، وتقرأ استراتيجيته في إعادة بناء المعرفة بأصول هذه الطريقة الصوفية. والكتاب في الأصل أطروحة لنيل الدكتوراه كان المؤلف قد قدمها بجامعة إكس أون بروفانس بفرنسا، وأشرف عليها المؤرخ الفرنسي جان لوي تريو(Jeans-louis Triaud). ونظرا للأهمية العلمية التي تكتسيها مضامين هذا الكتاب، والخلاصات التي تحصّلت له حول موضوعه، فإننا نود تقديمه إلى القارئ، وإن كنا على قناعة بأننا لا يمكن أن نوفيه كل حقه من الإحاطة والشمول. فالكتاب، ولا ريب، يشعرك بأن عبئا ثقيلا ينهض به مؤلفه كاملا. وهو إخراج البحث في أصول الطريقة التيجانية من ذلك الوضع الضيق إلى فضاء أكثر توسعا. وهذا بالتحديد ما تَقَصّدَهُ، في مقدمته، جان لوي تريو صاحب المؤلفات الهامة حول تاريخ شمال إفريقيا، عندما أكد على أن الباحث العدناني انخرط في التأسيس لتاريخ الطريقة التيجانية، وهو إن استند في ذلك إلى النصوص، وساءل حصيلتها المتحققة، فإنه تمكن من كشف ملامح من ذلك المجهول الثاوي خلف الورع والتقوى، وما هو في عداد الإجماع.1
يتكون الكتاب من مدخل وثلاثة فصول: يعنى الأول منها بالسياق الاجتماعي والسياسي والديني الذي ميز تأسيس الطريقة، ودور أسرة أحمد التيجاني في هذا التأسيس، والظروف التي كانت وراء إقامته بعين ماضي بالجزائر. ويعتبر العدناني أن مجابهة أسئلة التأسيس أمر بالغ الأهمية، خاصة وأن سياق ظهور هذه الطريقة الصوفية بالجزائر، تميز بحدثين بالغي الدلالة: تمثل الحدث الأول في بداية أفول الوجود العثماني بالجزائر، أما الحدث الثاني فبرز في الأزمة التي شهدها قصر عين ماضي. وقد بدا الخلاف جليا، في هذه المرحلة، بين أنصار الطريقة التيجانية وخصومها من التجاجنة. والتجاجنة هم السكان الأصليون لقصر عين ماضي، لكن أرضهم تمت مصادرتها من قبل القايد ريان، في نفس الفترة التي كان فيها أحمد التيجاني بالجزائر.2 لهذا يتساءل الأستاذ العدناني عن خلفيات هذا السياق، وعما إذا كانت هناك علاقة بين تأسيس الطريقة التيجانية وإبعاد التجاجنة عن قصر عين ماضي.
إن هذا التأويل لسياق التأسيس، يظهر الطريقة التيجانية متورطة في السياسي رغم طابعها الصوفي. ولا يقتصر هذا التورط على مرحلة الجزائر فحسب، وإنما ينسحب كذلك على تأسيس الطريقة بمدينة فاس. وإذا استحضرنا مع الباحث أن هذا التأسيس تم سنوات قليلة بعد مغادرة ابن المشري وحرازيم برادة لها، أي مدينة فاس، فإن هذا الحدث يمنح المشروعية للتساؤل عن خلفيات عدم جني المريدين الأوائل، خاصة ابن المشري، لثمار هذا التأسيس. لكأننا بالباحث ينبهنا، عبر هذه الأسئلة، إلى أن إغفال السياق السياسي في دراسة هذه الطريقة كثيرا ما يؤدي إلى الارتكان لتشخيص مضيق، يشوش على المعرفة العميقة بها، ويعوق الوصول إلى الحقائق التي تطلبها.
يخصص الباحث الفصل الثاني لأهم الهزات التي شهدتها الزاوية خاصة في عهد أحمد التيجاني، حيث برزت خلافات داخلية بين المريدين الأوائل والشيخ. ها هنا يبدو ابن المشري اسما بالغ الحضور. ويذهب العدناني في هذا الفصل إلى أن حرازم برادة والطيب السفياني وأرنو من أهم المصادر العربية والاستعمارية التي أشارت مبكرا إلى نفي ابن المشري، أو قرأت مغادرته لمدينة لفاس وتوقفه بمنطقة لغوات، ثم استقراره بعين ماضي، وبها توفي عام1809، على أنه نفي يعود سببه إلى ضيق صدر الشيخ من الشهرة المتنامية لمريديه، خاصة حرازم برادة وابن المشري3. وهي الدلالة نفسها التي أكدتها دراسات أخرى متأخرة. ولا يكتفي الباحث بإعادة تركيب سيرة ابن المشري، بل يخصصُ محورا ضافيا لقراءة نتاجه الصوفي، خاصة كتابيه: كتاب الجامع وروض المحب الفاني.
أما الفصل الثالث فيتناول الطريقة بعد رحيل شيخها، حيث برزت بقوة إشكالية خلافته. ويركز العدناني على المرحلة الممتدة من 1815 وهي السنة التي توفي فيها أحمد التيجاني، إلى1881، حيث تصاعدت وتيرة التمرد الذي قادته زاوية تلمسان، وبداية التدخل الفرنسي في تونس. ويذهب العدناني إلى أن هذه المرحلة بدا فيها السياق الخارجي أكثر حضورا في وعي مريديها، خاصة السياق السياسي وما دَاخَلَهُ من حراك وتجاذبات بين مراكز قوى متعددة، وعلاقة كل ذلك بسلطات الاحتلال الفرنسية. وما يظهره هذا المناخ المتوتر، يبدو شديد الصلة باللحظات الصعبة في تاريخ الطريقة التيجانية، خاصة بداية خلافها مع الأمير عبد القادر وذلك سنة1838.
إن هذه الفصول التي عني بها العدناني تجد التثمين لدى القارئ عندما يتأمل الصورة التي ركبها حول الشيخ أحمد التيجاني متنقلا بين الجزائر والمغرب، منجذبا بالشهرة العلمية لمدينة فاس، وهو ما وفر لطريقته إشعاعا قويا في المغرب، وخاصة إفريقيا جنوب الصحراء. لذلك، فإذا شئنا تعيين أهمية هذه الدراسة بالقياس إلى الأبحاث الحديثة التي تكرست لتناول تاريخ الطرق الصوفية بالمغرب، لوجدناها كامنة في ذلك الحفر الذي تجريه في سياقات تكونها سياسيا اجتماعيا ودينيا، مزاوجة بين التحليل التاريخي والمقاربة الأنثربولوجية، خاصة فيما يتصل بتداخل سياق النشأة بالمعطيات الأنثربولوجية المتمثلة بالعنف والتقديس والمتخيل. وإذا كنا نجد الباحث يقر بوجود متن هام من الدراسات العربية والغربية التي لا تتفق حول أصول معينة للطريقة التيجانية، بل لا تفلح في الإمساك بالأسرار التي ينطوي عليها تأسيسها، فإن هذا البياض الذي يعتري تاريخ هذه الطريقة هو الذي دفعه إلى تقديم قراءة جديدة مستندا فيها إلى مدونة من الوثائق التي لم يَجْـرِ التعامل معها من قبل. وهذه الميزة المنهجية تجعلنا أمام كتاب إشكالي: فهو لا يتقصّد إلى التعريف بهذه الطريقة وبمؤسسها الشيخ أحمد التيجاني، وإنما يستهدف التأسيس لمسار مغاير في مقاربتها. فإذا كان أغلب الدارسين قد جعلوا من كتاب جواهر المعاني منطلقا للحفر في أصول هذه الطريقة، فإن العدناني يسلك طريقا معاكسا لمسلك هؤلاء، فلم يجعل من كتاب الجواهر المصدر الوحيد لقراءة هذه الطريقة كما فعل هؤلاء، وإنما انعطف نحو كتابات ابن المشري، أهم مريدي الشيخ أحمد التيجاني، خاصة كتاباه: كتاب الجامع وروض المحب الفاني، مجتهدا في تأويل المناخ الذي ظهر فيه هذان المؤلفان. ومعلوم أن كتاب روض المحب الفاني الذي عرف بعنوان آخر هو: مواهب المنان لم يرق أحمد التيجاني، فأمر بمصادرته، لأنه تضمن الكثير من المعلومات عن أشكال من الخلاف والتوتر حصلت بين الشيخ ومريديه، وهي خلافات عميقة كانت تمس وضع الشيخ، وما يدعيه لنفسه من كرامات. وهذا ما يفسر الصمت المطبق الذي ضرب على هذا الكتاب في الأدب التيجاني4.
يتضح مما سلف أن العلاقة المعقدة مع المدونة النصية للطريقة التيجانية، وما تنطوي عليه من مجاهيل وبياضات، هي ما يسعى الجيلالي العدناني إلى جعله في المركز من اهتمامه. فالتنافس الحاد بين الشيخ ومريديه الأوائل يعكس وعيا حقيقيا لدى الطرفين بضرورة الحفاظ على شؤون الطريقة ومقاليدها بين أيديهم. وهذا بالتحديد ما كان الشيخ أحمد التيجاني مصرا على انتزاعه من أيدي مريديه الأوائل وصرفهم إلى المهام الروحية أو الدينية فقط. وليس غريبا أن يكتب حرازم برادة في إحدى رسائله إلى أحمد التيجاني متسائلا عما إذا كان له نصيب في تأسيس هذه الطريقة. وبديهي أن هذا التساؤل يبطن شعورا متزايدا لدى هذا المريد بأن استبعادا ما يحاك له من قبل شيخه.
بعد هذه القراءة التي قدمها الباحث يصعب على القارئ أن يقتنع بأن كل ما قام به الشيخ أحمد التيجاني، سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع المريدين الأوائل، أو شيوخ الطرق الصوفية الأخرى، كان بأمر من النبي (ص). إن هذا التأويل، يدعونا إلى تنسيب القيمة التي حظي بها كتاب جواهر المعاني وما ناله من اهتمام وبحث، بعدما أخذ صفة الوثيقة الرسمية والمرجع النموذجي الحاضن لأفكار شيخ الطريقة وتعاليمه الدينية، وذلك لأن الأسئلة الصعبة التي طرحتها هذه الدراسة تجد أصداءها في كتابات ابن المشري. وهذا ما يشرع باب التساؤل عن خلفيات بقائها في الظل رغم أهميتها وقيمتها التاريخية والدينية. ونحسب أن ما ذهب إليه أحمد السكيرج من أن كتابي: كتاب الجامع وروض المحب الفاني عرفا باسم الكناش المختوم، وهي تسمية مفعمة بالديني، من شأنه تفسير السرية التي ضربت عليهما. وإذا كان الأمر كذلك، أمكننا أن نفهم لجوء العدناني إلى تبئير القراءة على هذين العملين، بأنه اعتراف بما يحتضنانه من معلومات هامة حول تاريخ الزاوية التيجانية سواء في مرحلة ما قبل التأسيس أو في مرحلة المابعد. وهذا هو السر في تلك اللغزية التي تلفّ الصورة التي يركبها الباحث لأحمد التيجاني، حيث يبدو مجادلا قويا في قضايا لغوية ودينية وفقهية وصوفية. وهذا التعدد الذي ميزه هو الذي يفسر إرادته القوية في كسر كل الحواجز التي يمكن أن تعترض سبيله على حد وصف حرازم برادة.
على هذا الأساس، يبلور الباحث قراءة مختلفة لزمن التأسيس يبدو فيها الشيخ أحمد التيجاني أمام مريدين متلهفين للمجد ومتعطشين لخلافته. ولا بد من القول إن البحث في أصول طريقة صوفية مثل الزاوية التيجانية يظل محفوفا بالصعوبات والإشكاليات، خاصة تلك التي يضعها الخطاب المناقبي أمام المؤرخ، كما أن الزاوية التيجانية تقدم نفسها باعتبارها نموذجا متفردا ومخصوصا يستوعب كل الطرق الصوفية ويقف على مسافة منها، لذلك اعتبر مؤسسها نفسه خاتم الأولياء. فرغم أن الشيخ أحمد التيجاني تتلمذ على يد شيوخ الطريقة الخلوتية ومنهم الشيخ محمد الكردي، إلا أنه أصرّ على انتهاج سبيل مختلف يجعله على مسافة من هذه الطريقة، وطرق صوفية أخرى. وهذا ما عرضه، بعدما انتهى به المقام بمدينة فاس، لنقد شديد من قبل علمائها خاصة العالمين الطيب بنكيران (ت.1802) ومحمد بن عبد السلام الناصري. وفي هذا الجانب بالتحديد يذهب العدناني إلى أن إشارات كتاب الروض تتميز بأهميتها، وخروجها عما سطره كتابجواهر المعاني. فقد أورد ابن المشري بأن أغلب التيجانيين ظلوا مرتبطين بالطرق الصوفية الأخرى:"أما بعض أصحاب شيخنا، المعروفين عند العامة، حين نقول لهم بأن سيدي أحمد التيجاني شيخهم، يردون بالقول بل نحن أصحاب"5.
إذا كان بن خلدون يذهب إلى أن فن التاريخ أصيل في الحكمة وجدير بأن يعد في علومها، وهو ما يتطلب من صاحبه أن يعمل على الاستجابة لشروط العلوم الحكمية، وأولها أن يوفي بمقتضيات الاستدلال العقلي6 فإن العدناني، الذي تمرس على قراءة النصوص وتكليمها، وبحسه النقدي والجمالي، تمكن من الإمساك بالظروف التي جعلت أفكار هذه الطريقة ممكنة وقابلة للانتشار، فلم يعتمد اعتمادا كليا على السرد، وإنما ذهب يستدل على فعالية النهج الذي سلكه في مقاربة موضوعه. وهذا الحرص من جانب المؤلف على الابتعاد عن السقوط في الاختزال والتبسيط، مَكّنـهُ من تركيب رؤية مغايرة لتاريخ هذه الطريقة، تجد مرجعياتها في كتابات ظلت على الهامش، بل جرت مصادرتها بسبب ما تَمتّعَ به أصحابها من قدرة على محاججة الشيخ، ومجادلته في أسس شرعيته الدينية.
ومع ذلك فإن ما يزيد من توثيق عرى الصلة بين هذه الدراسة والمعرفة العلمية الرصينة ينحدر من صلبها. أي من طبيعة الأسئلة التي تبقى مطروحة دون أن تكشف عن أسرارها: أسئلة صعوبة إيجاد تناسب بين النموذج التيجاني والحدث الإسلامي ممثلا في النبوة، وكذلك سؤال العلاقة بين (كتاب الجواهر) و(كتاب المقصد) المخصص لسيرة أحمد بن عبد الله معن. ويعني هذا أن مقاربة العدناني، رغم ما توفر لها من دقة في المعالجة والتوثيق، فهي لم تتحول إلى نسق ولا يمكنها أن تكون كذلك.
هوامش:
1- Jeans-louis Triaud, Préface, in , LaTijaniyya 1781-1881 , les origines d’une confrérie religieuse au Maghreb, Rabat, éd. Marsam, Rabat, 2007, p. 7.
2- jillali El Adnani, La Tijaniyya 1781-1881 , les origines d’une confrérie religieuse au Maghreb, Rabat, éd. Marsam, 2007, p. 11.
3- jillali el adnani, op, cit, p. 83.
4- جيلالي العدناني: أصول الزاوية التيجانية حينما يتكلم المريدون الأوائل، ترجمة إدريس الخضراوي، مجلة المناهل، ملف: الزوايا بالمغرب، الجزء الأول، العدد80/81، فبراير2007، ص86.
5- جيلالي العدناني: أصول الزاوية التيجانية حينما يتكلم المريدون الأوائل، ترجمة إدريس الخضراوي، مجلة المناهل، ملف: الزوايا بالمغرب، الجزء الأول، العدد80/81، فبراير2007، ص86.
6- طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، الطبعة الثانية، بيروت/ الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 2006، ص.387.
إدريس الخضراوي :
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

sidiyahyagharb@gmail.com

سجل الزوار

الاخبار من الحوار المتمدن : أكبر موقع عربي .

يومية المساء في صحيفتكم الإلكترونية لسيدي يحي الغرب